ثمَّةَ عُمرٌ لَمْ أَعِشْه, لَمْ أَشْعُر به يتسلّلُ إلىَ عظاميِ ويُقيمُ خيمةَ الزمن بداخليِ,
ثمَّة عُصُورٌ مررتُ بمحاذَاتهاَ ولَمْ أنتَبه إلى أنّهاَ كلُّ ما كنتُ سأملكْه لَو أنّي فَقَطْ مدَدتُ لهاَ يَدي كيْ ألتقطهاَ وأُنيّمها فيِ جَيبي ...
كبرت قَبْلَ الجَميع, قَبل دُميتي التيِ تعاهدتُ وإيّاهاَ في المَاضي أَنْ نفرحَ سويًّا ونبكيِ سويًّا ونتمسّك بأيدي بعضناَ كيْ لا نَضيعْ,
الآن لم تعُد يدُهاَ اليابسَة تقْوىَ على الإمساك بي ...
بَل إني كلّما سلّمتُها جديلَتي الباردَة كَي تمشطهاَ تأبىَ وترحلُ بيديْهاَ صَوْبَ الضبابْ ... !
كبُر الحزنُ في عيني حتّى إستولَى على كلّ الصور القَديمة والأسماء القَديمة والذكريات التي كنتُ أسقيهاَ دمعي الدافىء كل يوم كي لا تيْبَس !
كبُرَ البُكاء وأضحىَ أثقل من أنْ أحتمل بقَاءَه في تجاويفِ المحَاجر ,
كبر وصنَع من ذرات الملح الداكنَة تلك أرغفَة يلتقطهاَ الحمام ليدسّهاَ في الرسائل التي لن يقرأهاَ أحد !
فقدْ صارَ بُكائي علامَة تستدل بها الكائنات علَى هوامشِ الُوجُود ...