
و تُصغي الشمسُ بأنوارها لنداء الفكر العالق بكل تأملاته في أفقِ الغيم ، تنداحُ الروح الإنسانية مُسافرة في العلو السماوي ،تحملُ أسئلة من طيورِ البوحِ الذي استجمعَ في لبها سنينًا عدة ، وطال مكوثها أمدا وإذ بجذورها تبدأ في التهاوي ؛ لِتُكَونَ جسدًا يتجه بقلبه صوب مدن النور تحمله تلك الغيمات الباردة ، فلعل للسكون الخالد بين عروقها استفاقة نبض ، تحرك دواعي الحياة في حناياه.
هذا الإيمان يتخلل الوجد الضئيل ، بأن ثمة إجابة لكل سؤال حائر مُلّح حولته تقلب المشاعر ، وعواصف الحس إلى سربِ طيرٍ شفيف ظل محبوسًا في قفص الصمت .
حان أن يجيبكِ القرص الذهبي بأنواره عن تلك الحيرة الهاربة في وجدانٍ أنيق هندامه الهدوء ، و جل وقته التأمل طويلًا.
يا أيتها الحلم ..
إن نور الحياة حينما يُشرق يُنبه الجفون من نعاس طويل ،وليس ذلك فحسب ، بل يُوقظ في بالي الروح خفقًا وكأنه يقول حان للروح أن تستعيد أحلامها .
إن الفكر الغارق في خطوبِ الدنيا من شدة ما حلَّ به ضرب جذورًا عميقة من الألم في طينة الحياة ، وحينما حان وقت الإشراق والنهوض استعصى عليه الأمر كثيرًا ،فليس من السهل نزع النياط من قلبٍ نابض حتى وإن أرهقته الدروب عبورًا ..
يا رهف الأمنية ، المموسقة بالحلم ..
لأعود بكِ إلى طيور البوح العالقة في سقف تأملكِ ، أما تعلمين ؟ أم هل تودين أن أخبركِ سبب الإلحاح؟
إنها تتلمس شحوبًا بائسًا يلبسكِ ثوبًا ، عيناكِ في أفق الغيم ثم همهمات حيرى ... هي همهمة ليست بالمزعجة ولكنها مُدوية بالنسبة لها ...
سأخبركِ : لا يمكن للحس الإنساني أن يغادر جسده ، وإن فقد لذة الشعور يومًا ، سيأتي لكِ الهطل الذي يمد جذوره من ينبوع الشمس ، فيتغذى من نبض الحياة ؛ ليسري إلى نبضه ، فينسجمان أملاً ،و من الأمل أن من سنن الله تأتي الشمس بكل أنوارها وتبث حديثًا مع الحياة والأحياء .ولمن يستوعب عظم أمرها سيكون أول منتظر للحظة إشراق.
كل المعاني تضيق ، وتصبح بالية ، إن لم تستيقظ في سطورها معاني الحياة ، وإن لم تستفيق من غفوة السكون .
أتعلمين لماذا ؟
لإن تلك المعاني الناضحة لا تكون بهذا الجلال والجمال إلا إذا ارتدت ثوب بهجة و مسرة .
سيعود التحليق حولكِ ، ولكن بصوت غريد عذب ، عازفٍ عن الشجن ، وستنبتُ غصونكِ ورقًا وياسمينًا حتى لتسمعين حفيف الغصن المياد فتطرب النفس وتهنأ .