في كل مرة تعاد له نفس القصة، ينطلق الشرار من عينبه ، و يبدأ بالتعرق وترتجف شفته السفلى، يمسك قبضته ويضغط بشدة على يده، و ما أن تطلّ عليه، يعود مسالمًا و مرحًا.
طأطأ برأسه هذه المرة فهي أيضًا تريده في نفس الحكاية، ظل منكسًا رأسه خائفًا مما سيسمع، بدأت ودخلت في صلب الموضوع .
كانت تنظر إليه منتظرةً أية إيحاء أو ردة فعل، و لكن ما أثار استغرابها بكائه المفاجىء، كطفل يريد لعبته، اقتربت منه ورفعت رأسه وضمته إليها ، تمسك بجلبابها وأطلق العنان لدموعه وارتفعت شهقات قلبه، كانت تتقطع أشلاء وهو في حضنها باكيًا كسيرا.
ابتعد فجأة و مسح دموعه و قال : موافق ، ابتهجت أمامه و لكن قلقها عله كان عائقاً أمام فرحتها .
ذهبت وطلبت الفتاة لإبنها المدلل و كادت تطير من السعادة، كيف لا وحبيب قلبها أخيرًا يخرج من قفص وحدته وحزنه.
في يوم زفافه ودون أية مقدمات فقد العريس، شق أقاربه طرق المدينة التي يسكنها، ودار أصدقاءه في كل الأماكن التي يذهب إليه لعلهم يجدون له أثراً، و لكن رسالة وصلت إلى هاتف عروسته كتب فيها :
عزيزتي
أما بعد ..
لم أكن أرغب في كسر آمالك ولكنني لا أستطيع إكمال مراسم الزفاف، سأذهب لعشيقتي الحقيقة قبلي أمي بالنيابة عني و أخبريها أني أحبها جداً ..
خرجت العروس من غرفتها فزعة محبطة، وأخبرت والدته التي أنهارت تماماً وبدأت تتمتم بكلمات غير مفهومة، ظلت القاعة في إنتظار خبر، أوقف صمتهم المهيب وقلقهم الشديد، إتصال هاتفي منه يخبرهم فيه .. أنه قرر أن يقضي حياته بقرب عشيقته المتوفاة و لن يعود .