تهويدة الموت
– القصيدة السادية –
" أغمضتُ عيني فلم يَعد أحدٌ يراني
فتحتُهما .. فأبصَرني الجَميع
يا إلهي ..إنني طفلٌ من جَديد "
*******
كـ طفلٍ أصيبَ بسَرطانِ الجلد
فـ أحرقوهُ بـ أعقابِ السَجائر
حتى أصبحَ كـ رقعةِ شطرنج
مُربعٌ للحرق .. مُربعٌ للموت
كأن الموتَ لا يكفي كي يموت
*******
كـ قلبٍ أزرقِ اللون
أو كـ بحرٍ كاذب
بريشةِ رسَامٍ مُحنّك
لم يغفل أيُ التفاصيل
لم يغفل كل التفاصيل
حتى قطرة الندى التي سَقطت
ونسيَ أنني هنا .. بجواره
أبكِ حَظيَ العَنيد
*******
" فتحتُ البابَ فـ اختفى الجدار
فـ أغلقته واتسعت غُرفتي "
ولم أعرف أين أتوارى
أينَ ستائري الحمراء يا أمي
وأينَ أنتِ الآن يا أمي
ولماذا لم تطاردني أحلامي بالعيد
*******
كـ يوم لمِ أدري .. كسرتُ الكأس
أقسمُ يا أبي أنني لم أدرِ أنها مُقدسة
كم تًعودتُ أن تُكسرَ الكؤوس في يدي
كي تلقيَ اللومَ / اللون / على رُوحي
وأقتلَ مِن جَديد
لماذا في كلِ مَرةً يقتلوني
كأن الموتَ مَرة لا يَكفي كي أموت
*******
ومصباحيَ الوَحيد
لا أدري ما يُريد
يومضُ بـ افتعال
يومضُ في غموض
كل شيءٍ باتَ مُبهم
منذ رحتِ عني
حتى الضوءُ صار يَكذب
صار يخفي في ظلالهِ المَكيد
*******
كـ رأس أبي عندما لا يواجهني
وعيني جدي عندما يَغضب
وصوتُ مُمثلٍ مغمور
ماتَ من عامين
أنادي .. وصوتيَ بداخلي يختل
حتى صوتي ما عادَ صوتي من بعيد
*******
قالت اتركني ..
" كل أواني الصَمتَ فيَ تكسرت "
و انصرفت ..
وأخذت مصباحيَ الوَحيد
مِصباحيَ الأوحَد اللعين
لماذا كلُ المصابيحُ أضحت لعينة
ألا لعنةُ اللهِ عليهم أجمَعين
*******
أو كـ سِربِ أمطارٍ حامِضية
أمطرت فوقَ رُوحي
فـ احترقت .. وتبخرت .. وصارت رَمادا
و أحرقتني ..
كأنَ الموتَ لا يكفي كي أموت
*******
ثم تَوَجَّهَت تِلقاء بابي .. فلم تَجده
اختفى وجَداري ومِصباحيَ اللعين
وخَرجت مِنَ اللاباب
وأغلقت خلفها الأقفال
ولم تتعثر فِي سُلميَ المَكسور
لا أحدَ غيري يتعثرُ في سُلمي المَكسور
*******
كـ حذائي الذي يُصَفِر عِندَما يُريد
أخرجَ نردَ درويشَ القديم
ألاعبُ صاحبَ الأرواحَ الذهبية
عَلى رُوحي ..
لماذا أقامرُ بـ آخر بيادقي
ولماذا يُقامرُ هوَ ضِدي
وأخسرَ مِن جديد
*******
والآن قد سَقطت ..
سَقطَ الشاهُ يا فتاتي
سقطَ الرَجلُ الحَديد
كأن الموتَ لم يكفي كي يموت
كأني أحيا كي أقتلَ من جديد
محمد رضـا
شاعر وقاص