(يأت بها الله)
هناك مساحة فارغة لاأستطيع الجزم بشأنها..
ذلك لايلغي حجم التدفق الذي يتخللني كل يوم وتلك الوشوشات ذات النبرة العالية..مسايرة هذا الضجيج مرهق جدا وهو في الوقت ذاته يزدحم بالكثير من الأشياء العارية..أشياء لايمكن ركنها أو محاولة التمويه على طرف منها..تلك الجرأة الصاخبة في التجريد لعلها تشابه الشمس في ظهيرة صيف الرياض..تختنق بها ولاتملك الفرار..نافذة في العمق تصلب ماهو كائن ومتحول لاأعلم لماذا أشعر معها باتساع الفراغات كما أن الحقائق تبدو بمجهرها فاضحة رغم المحاولات المتكررة بسترها...العجز الذي أشعر به أمام دموع سيدة هذه الظهيرة مثقل جدا..وهذا الإنكسار الذي يغطي وجهها المملوء بالتجاعيد..
حقا أنا لست أنا أمامها أحاول تمالك نفسي وأنهرها كي استمر في الخط المهني اللازم لايجدي التباكي معها وربما لضاعفت حزنها دون ان اقصد...لالشئ احتراما للمهنية الملقاة على عاتقي تعاطف لاعطف يفسد الأجواء ويعقدها..يفيض الوجع الآتي منها ليتجاوز أسوار مكتبي ليمتد ثم يمتد ولاينتهي....
إنه قلب الأم وقلق الأم ووجع الأم متى ماحلّ بالأم أضافت هي له القدسية..
ليته يدرك احتراق روحها ..وجهها وخطوط الخيبة وتفاصيل أخرى تعجزني..
لربما كان وقع الفاجعة اهون قليلا لو كانت العلة جسدية لربما كان بالإمكان التعايش معها أو مسايرتها أو حتى التسليم والإيمان بالقدر..
لكن أن يسير به المنحى نحو إزهاق عقله وبالإختيار ذلك مايجعل الحزن والقتل مضاعفاًًً..
ليت بمقدروي ردم تلك الفوهات المتطايرة حمماً من الحزن الفاضح في العيون وفي الاستدارة وفي الإنحناء لإلتقاط شئ ما...
هل يمكن ألا ينهزم هذا الكبرياء ؟ وهل لبعض الأشياء ألا يستدير وجهها للأبد؟! ماذا يحدث إذاً؟
كيف تتضاءل الرغبات وتبدو شيئا هامشيا لايرتقي أن يشغل مساحة ما أمام ماتعانيه هذه السيدة..الوقوف على تجربة حزينة لأحدهما يخلق لنا فضاء آخر..زاوية أخرى للتأمل لترتيب الأولويات والأهم
من ذلك استحضار النعيم الذي نتقلب فيه...إنه يضاعف من مشاعر الامتنان نحو كل ماهو متاح ويتجاوزنا.