معدل تقييم المستوى: 21
[ مفهوم اللون ؛ دوره ؛ أهميته ؛ و أثره ] المفهوم اللغوي للون : صفة الجسم من السواد و البياض و الحمرة و غير ذلك ؛ و لون كل شيئ ما فصل بينه و بين غيره أما العلم الحديث : فهو يرى أن اللون عبارة عن موجات ضوئية تدركها العين و تختلف في ترددها و ذبذبتها من لونٍ إلى آخر ؛ و عليه فإن اللون هو أكثر من مجرد زخرفة أو زينة للعين إنه النورو قد تجزّأ إلى موجات متباينة في الطول و الإهتزاز . أهمية اللون : إن العالم ممتلئ بالأضواء و الألوان فلا تقدر الأحياء على الحياة بدونهما ؛ كما و أن الناس اليوم يقفون وقفة قبل اختيارهم للألوان في شؤون حياتهم المختلفة ؛ هذا و قد امتنّ الله على خلقه بنعمة اختلاف الألوان في مظاهر كثيرة كالزروع و الثمار و الشراب و الطبيعة بل و الناس أنفسهم ؛ فقد صبغ الله تعالى الخليقة كلاًّ بما يناسبه ؛ حتى لكأنها تبدو في معرضٍ بديع من الألوان ؛ و لعلّ هذه الآية الكريمة تجمع لنا مشاهد مختلفة ؛ قال تعالى : {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُّخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا ۚ وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ (27) وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَٰلِكَ ۗ } _ سورة فاطر_ فألوان الثمار مثلاً معرضٌ بديع فما نوع من الثمار يماثل لونه لون نوع آخر بل ما من ثمرة يماثل لونها لون مثيلاتها من النوع الواحد ؛ فعند التدقيق في أي ثمرتين سنكتشف شيئا من الاختلاف في اللون . و ينتقل من ألوان الثمار إلى ألوان الجبال نقلة عجيبة ففي ألوان الصخور شبه عجيب بألوان الثمار من حيث تنوعها و تعددها ........ ؛ و هنا لفتة في النص ؛ فالجدد البيض مختلف ألوانها فيما بينها ؛ و الجـــــــدد الحمر مختلف ألوانها فيما بينها كذلك من حيث درجة اللون و التظليل و الألوان الأخرى المتداخلة فيها و هناك غرابيب سود أي متناهية في السواد ؛ في لفتةٍ تهزُّ القلب هزّاً و توقظ فيه حاسة التذوق الجـــــــــمالي العالي ؛ التي تنظر إلى الجمال نظرة تجريدية فتراه في الصخرة كما تراه في الثمرة على بعد ما بين طبيعة الصخرة و طبيعة الثمـــــــــــــــــــــرة و ما بين وظيفتهما في تقدير الإنسان ، و لكن النظرة الجمالية المجـــــــــــــــردة ترى الجمال وحده عنصراً مشتركاً بين هذه و تلك يستحق النظر و الإلتفات ؛ و من جانبٍ آخر فإنّ الأعراق البشرية بألوانها السود و البيض و الصفر و الحمر أجمل الألوان من بين مخلوقات الله ؛ حتى و إن نفر بعضهم من بعض فقد صبغ الله تعالى كلاًّ بما يناسبه فلا فرق في الجمالية بين لون و آخر ما دام التلوين يظهر في صورة جمالية بديعة ؛ و كثيراً ما يكون السواد أمتع للنفس من البياض حين تتكون مَسْحَةُ السواد جمالاً و صبغة الصفرة حُسناً و بهاءً ؛ و مقابلة السواد بالبياض ليست مقابلة القبح بالجمال فللسواد مواضع زينة و قبح و للبياض مواضع زينة و قبح إذ ليس كل أبيض جميل و لا كل أسود قبيح . و في هذا ما يحث إلى تأمل الأرض كلوحة بديعة من الجمال في تعدد الألوان و اختلافها سواء أكان ذلك في النبات أو الجبال أو الحيوان أو الإنسان أو أيّاً من مخلوقات الله تعالى ؛ فالمتأمل يُدرك أن اختلاف الألوان يشكل لوحة اعجاز و مظهر من مظاهرقدرة الله تعالى و عظمته و بديع صنعه ؛ فيصل إلى خشية الله تعالى و تعظيمه ؛ قال تعالى : {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ } _ سورة فاطر _ و العلماء المشار إليهم في الآية هم العالمون بهذه الآيات المبثوثة في ثنايا الكون من مظاهر قدرة الله تعالى في الخلق ، قال الألوسي : و المراد بالعلماء العالمون بالله عزّ و جلّ و بما يليق من صفاته الجليلة و أفعاله الحميدة و سائر شؤونه الجميلة ؛ لا العارفون بالنحو و الصرف ؛ فمدار الخشية ذلك العلم لا هذه المعرفة ؛ فكل من كان أعلم به تعالى كان أخشى . دور اللون و أثره : يلعب اللون دوراً مهماً في حياة الإنسان ؛ و يعد كما اسلفت من أهم الظواهر الطبيعية التي تسترعي انتباهه ؛ كما و أنه البُعد الإضافي الذي يمنح الفنان معانٍ لا متناهية للتعبير عمّا يريد ؛ و يُشكل اللون المادة الأساس في العديد من الفنون و الفن التشكيلي على وجه الخصوص . و مما لا ريب فيه أن للون تأثيراً على النفس الإنسانية ؛ إنه شعرٌ و نثرٌ صامت نظمته قدرة الله تعالى في الكون من حولنا فهو كلامه و لغته المعبرة عن مجرياته و كنهه . و قد أثبتت الدراسات الحديثة أن لـِ الألوان تأثيراً على خلايا الإنسان إذ لكل لون موجة معينة و كل موجة لها تأثير على خلايا الإنسان و جهازه العصبي و حالته النفسية ؛ كما و أن اختيار الألوان و الإنجذاب إليها أو النفور منها يعود إلى أسباب متنوعة ؛ فيزولوجية ، نفسية ، اجتماعية ، رمزية ، ذوقية ، و دينية و كذلك تلعب البيئة الجغرافية دوراً في هذه العملية . و قد قدّم عالم النفس الإنجليزي ( إدوار بيلو ) تصنيفاً لأنماط استجابة المتلقي لجماليات اللون : 1- نمط ترابطي . 2- نمط فيزيولوجي . 3- نمط موضوعي . 4- نمط الطبع . :: 1- نمط ترابطي : إدراك اللون مصحوباً بفكرة أو صورة لموضوع معين مرَّ في تجربة مضت ؛ و هو على نوعين : (مندمج و غير مندمج ) المندمج : يكون فيه الترابط نغمة انفعالية قوية خاصة به تتميز عن نغمة الاحساس باللون ذاته ؛ مما يترتب عليه فقدان اللون لمركزه في الوعي و هو يعني أنه غير مشروع جمالياً . الغير مندمج : لا ينفصل فيه الترابط عن إدراك اللون ؛ بل يندمج أو يذوب فيه و هو ما يجعل نغمة الإحساس فيه تقوى ؛ فيتعهده متلقيه بالحرص و يضفي عليه حيوية و دلالة . 2- النمط الفيزيولوجي : الحكم على اللون من خلال الأحاسيس الشخصية التي يثيرها ؛ كالبرودة و الحرارة ؛ و الخمول و النشاط و السرور و الكآبة ............. الخ . 3- النمط الموضوعي : يعتمد في استجابته على تحليل خصائص اللون من حيث عامل نقائه ( عامل نقاء اللون هو النسبة بين كمية اللون و كمية امتزاجه باللون الأبيض أو بألوان أخرى ) . 4- نمط الطبع : يقوم هذا النمط على صيغة خارجية تعتمد على الصفات فالأحمر مثلاً صريح و نشيط بينما الأزرق متحفظ و البنفسجي خيالي و متأمّل و هكذا . و قد خّلُص هذا الباحث في النهاية إلى النتيجة التي يشعر بها كل شخص في الواقع و هي : ( لا يمكن وضع قاعدة ثابتة بشأن القيمة الجمالية للون بوجه عام ) و بناءً على الأثر الذي يتركه اللون في أمزجة البشر و في حالاتهم الصحية و العضوية فقد استخدمت الألوان في العلاج و استخدامها مرتبط باستخدام طاقة الضوء التي ثبت أنها تنبّه الغدة النخامية و الجسم الصنوبري مما يؤدي إلى افراز هرمونات معينة تُحدث مجموعة من العمليات الفيزيولوجية و بالتالي السيطرة المباشرة على تفكير و مزاج و سلوك الإنسان . و قد عُرف العلاج بطاقة الألوان منذ القديم فاستخدمه المصريون القدماء و الإغريق و الصينيين و الهنود و كذلك استخدمه العرب و المسلمين كما أشار إلى ذلك ابن سينا في كتابه ( القانون ) .