منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - مذكرات أبعاديّة (11) بندر الصقر
عرض مشاركة واحدة
قديم 01-09-2016, 03:59 AM   #22
بندر الصقر
( شاعر وكاتب )

افتراضي


ماتلى ذلك كان حقبة هي الاثقل حملا والأجمل تذكرا والأكثر احتراما بين حقب حياتي

تسع بنات وولدان هم التركة التي ورثتها والحمل الذي وضعه والدي على عاتقي ثقة بي وعدم ثقة بغيري
ولا يخفى على أحد ان كوننا أبناء أصغر الزوجات جعلنا عرضة للظلم بصور كثيرة ومختلفة و مؤلمة لن أتطرق لها احتراما للميت منهم وتقديرا لأبناء إخوتي اللذين عوضنا الله بمحبتهم عن أذية آباءهم.
حقبة سرق مني فيها جزءا من طفولتي وجل مراهقتي* وكل شبابي
في المرحلة الثانوية كنت مضطرا للعمل بجانب دراستي بعد ان تم تجريدنا من كل شيء حتى أننا اضطررنا لاستئجار منزلنا الذي نسكنه من بقية الورثة.
استطعت إنهاء المرحلة الثانوية بتفوق وبتقدير ممتاز وبرغم رغبتي بإكمال دراستي الجامعية إلا أنني رأيت تأجيلها مؤقتا وعملت في أحد البنوك مما حسن من ظروفنا المادية. اثنتان من البنات زوجتهما قبل إنهاء المرحلة الثانوية
وعلى مدى ست سنوات تمكنت من تزويج البقية

* ملاحظة
كانت تربية الولدين أصعب بكثير من تربية البنات والتعامل معهن.

أثناء تلك السنوات ومبكرا منها كانت هناك بذرة حب عذري امتدت حتى انتهيت من تزويج آخر أخواتي ولم يتبقى سوى اصغرهن
كنت احتفظ بهذه البذرة ك مكافئة نهاية خدمة لي وفرحة وحيدة استبقيتها تعويضا لي عن شقاء هذه السنوات ولكنها ذبحت قربانا على عتبة العادات والتقاليد.

الحياة لابد أن تستمر

بعد ذلك حان موعد تحقيق حلمي الآخر بإكمال دراستي الجامعية وكانت رحلتي إلى القاهرة حيث لم تعد نفسي تطيق البقاء في هذا البلد وعلى مضض وافقت والدتي.

كل خطوة مما سبق كانت بتوجيه ومباركة ومشاركة من والدتي رحمة الله عليها
كانت شديدة التدين وتملك من الطيبة مقدارا كان يستفزنا عندما يتعلق الأمر بالأشخاص الأكثر ايذاءا لنا
حيث كانت تقسم علينا ألا نقطع معهم رحما ولا حتى نغتاب منهم أحدا.بعد إنهاء دراستي عدت واتممنا زواج الولدين وكانت والدتي مع كل فرحة تهمس لي بنظرتها ( كل فرحة ناقصة مالم أرى أولادك ).
ولأني على يقين ان هذه بالفعل فرحتها المنتظرة قررت الزواج.
ولكن المرض سبقني إليها بعد ان أصيبت بسرطان في المخ عانت منه لأربعة اشهر كنت خلالها ونيسها حتى اخذ الله أمانته.

المشهد الأخير في المستشفى
وبعد أن أخبرني الطبيب انها لم يتبقى لها سوى ساعات قليلة أحببت أن اقضيها معها
وبعد ان طلبت مني تعديل سريرها لتجلس لاحظت انها تبتسم فدار بيننا هذا الحوار القصير جدا.. وما كان قصيرا ابدا
- يمه
- هلا
- تعرفيني؟
- بندر! كيف ما أعرفك؟!
- طيب. تدرين وينك فيه؟
- إيه.
- وينك؟
- في عليين يا وليدي، في عليين.

بعدها بساعة أسلمت روحها الطاهرة إلى بارئها

 

التوقيع

.

معشوقتي ب اول زماني مع الطيش
بيت الكرم، والطيب فيها معمر

لولا الخطاوي تابعت لقمة العيش
م اقفيت عن حايل وفارقت شمر


بندر الصقر غير متصل   رد مع اقتباس