2. روح .. و .. زجاجة !
-من النادر فعلاً أن يعيش بمن مثل حالة ابنتك .. لكن الله قادر على كل شيء ..
- و نعم بالله ..!
-عليك بالصبر و الدعاء أما نحن فقد فعلنا كل ما نقدر عليه ..
-شكراً ..دكتور ..
نظر إلى المخلوق الصغير المحبوس في صندوق زجاجي تحيطه أنابيب من أنفه إلى رجليه .. و الجسد الصغير غير المكتمل ينتفض تارة و يهدأ و ينبض قلبه بكل جنون .. يهز رأسه و هو يراها أقرب للموت منها للحياة ..
يستغفر و هو يتجه إلى سيارته .. لماذا يحدث هذا بأوﻻدي؟
لقد فقدت اثنين منهم فيما سبق و اﻵن هذه الخديجة؟ كيف ستعيش؟ و ماذا أقول ﻷمها؟
دخل المنزل و هو مطأطئ الرأس ينظر لزوجته و هي حزينة فيطمئنها بأن الطبيب قد أكد له أنها ستعيش بإذن الله و أنها ستكون في صحة ممتازة .. فرحت اﻷم و انفرجت أساريرها و دبت فيها الحياة من جديد ...
و كل يوم يذهب للمستشفى ليراها .. فيجد من حولها يموتون و هي ﻻ زالت تقاتل .. فيبسم و يحمد الله و يطمئن اﻷم .. و بعد مرور ثلاثة أشهر جلباها إلى المنزل بتعاليم طبية صارمة بأن يلبسا الكمامات و الكفوف عند التعامل معها أو لمسها و بحليب طبي معين و جرعات مدروسة .. حتى تخطت كل توقعاتهما فهي طبيعية جداً لدرجة نسيانهما معاناتهما معها..و شبت عن الطوق .. و دخلت المدرسة..
مع وجود أخوات ثلاث أكبر مني ...في نفس المدرسة ... شعرت بأمان ﻻ مثيل له ... فأحيانا يجلبن لي الطعام و طوال الوقت يراقبنني خوفاً علي ... بحجم صغير كنت شيئاً قابلاً للكسر ... حتى إني ﻷذكر أننا كنا في الحافلة المدرسية و داس السائق على المكابح فجأة فتدحرجت من آخر الحافلة ﻷولها وسط صراخ أخواتي ... ربما كنت في الصف اﻷول ...
كنت هادئة جداً .. مسالمة .. بشعر وﻻدي قصير فعلاً و نظارات عملاقة تحتل نصف وجهي .. ببنية ضعيفة جداً ..
و في أثناء حصة الرياضة .. وقعت .. فنقلت إلى المستشفى و كان أول عناق بيني و بين مرضي المزمن ...