[نواف العطا]

كان في بني تميم رجل اسمه حنظلة وكان معروفا بسرعة الجواب المسكت مع فصاحة فيه وبلاغة وسرعة بداهة حتى لا يكاد يقهره أحد
فتزوج امرأة منهم اسمها علقمة فولدت له عدة أولاد , لكن لم يسلم له منهم غير ولد أسماه مرة , وكان مرُة أحد لساناَ وأسرع جوابا من أبيه مع بشاعة منظره وقبح مخبره.
فقال حنظلة يوما لولده مرة أعطني كذا فلم يعتن مرة بأبيه ولم يأبه به
فغضب حنظلة غضبا شديداً .
فالتفت إلى ولده مرة فقال له : يا مرة والله إنك لخبيث كاسمك .
فقال مرة : أخبث مني من سماني به.
فقال حنظلة : إنك لمر يا مرة.
فقال مرة : أعجبتني حلاوتك يا حنظلة.
قال حنظلة : والله لست من الناس.
فقال مرة : من شابه أباه فما ظلم
قال حنظلة : لا رضي الله عن بطن تقلبت فيها.
قال مرة : أجل ولا عن ظهر نزلت منه .
قال حنظلة : ويحك لا تزداد إلا سوء أدب.
قال مرة : أتجني من الشوك عنبا ؟ .
قال حنظلة : لقد كنت شؤما على إخوتك فماتوا.
فقال مرة : أعجبتني كثرة عمومتي يا مبارك.
قال حنظلة: لا أفلحت أبدا .
فقال مرة : وكيف يفلح من أنت أبوه ؟.
قال حنظلة : ما أحوجك إلي تأديب.
فقال مرة : الذي نشأت على يديه أحوج مني إليه.
قال حنظلة : أراحني الله منك كما أراح إخوتك.
فقال مرة : تختنق بحبل حتى تموت فتستريح مني.
قال حنظلة : لأدعون الله عليك.
فقال مرة : الذي تدعوه أعلم بك.
قال حنظلة : ما يعلم مني إلا خيراًَ .
فقال مرة : مادح نفسه يقرئك السلام . ( يريد إبليس )
قال حنظلة : ما أجد لي خيرا من السكوت .
فقال مرة : يمنعك منه سوء خلقك الذميم.
قال حنظلة : لولا صبري ما تجرأت علي .
فقال مرة : إذن نفسك فلمها.
قال حنظلة : إن قمت إليك لأوجعنك ضربا .
فقال مرة : ما أنت أشد مني بطشا .
قال حنظلة : أوتضرب أباك إذا ضربك؟
فقال مرة : أوعندك في ذلك شك؟
قال حنظلة : فإذن سود الله وجهك .
فقال مرة : أما أنت فبيض الله عينيك ( يعني بالموت )
قال حنظلة: فرق الله بيني وبينك .
فقال مرة : إذن فرق الله بينك وبين العافية.
قال حنظلة : يا رب ترزق الناس أولادا طيبين وترزقني شيطانا .
فقال مرة : أما علمت أن من العصا العصية والحية لا تلد إلا حية .
فانقطع حنظلة عن الكلام , قالوا : ولم يعش بعد ذلك إلا يوما وليلة ومات