أصعب ما يواجه الإنسان فى وجوده المحدود، المؤطر بقدر، رؤيته اهتزاز كل ما نشأ عليه، هكذا تسرى الغربة، تكتمل الفجوة بين المرء وما يحيطه، ما يتحرك فيه، ما يتنفسه من هواء، ما يطالعه من وجوه تغيب عنه ملامحها مع أنه ظل يطالعها عمره كله، ما يصله بالآخرين يهن، يضعف، حتى يصل إلى لحظة بعينها يتمنى عندها المفارقة، بل ويسعى إلى اكتمالها.. فبتغير الأماكن، وزوال المعالم، وافتقاد الصحبة، وضياع العلامات، وتداخل الإشارات، يصبح ما يدل على الغرب جواز مرور إلى الشرق، وما جاء متماسكاَ يستمر مجزأ، غير قادر على التواصل، إنه اغتراب الغربة ذاتها.
جمال الغيطانى - سفر البنيان
مودتي