معدل تقييم المستوى: 14
أساتذتي الكرام / السَّهلي.. المالك.. نوف سعود.. الشِّعر لغة، وخيال، وجناس، وتشبيه، وبلاغة.. ذلكم هي "شروط" الشِّعر، وإن شئت قل أن الشِّعرَ قالبًا جماليًا فنيًا، وما غير ذلك يعتبر إدعاء معرفة الشِّعر، وأمَّا المواضيع الَّتي من الممكن أن يحملها الشِّعر - وذاك أمر لا يقتصر على الشِّعر، فحسب -، "فالمواضيع" تبقى قضايا، وآراء، في حين أن الشِّعرَ (تكنيك جمالي) ، وفن، وهكذا...، وعليه نرى أن أي قضية، أو أي موضوع، - "كموضوع" - لا يمت إلى الشِّعر بصلة، وإذا ما أردنا القول في ذلك بطريقة أسهل : هب أننا نرى هذه الجرة!.. ترى ما بها؟!.. (ما بداخلها؟!).. ماء؟!، أم زيت؟!، أم عطر؟!.. أم لبن؟!، والإجابة أن الماء، أو الزَّيت، أو اللَّبن لا يغير من حقيقة الجرة شيئًا، وستبقى الجرة هي الجرة أيًا كان الشَّيء الَّذي بجوفها، وإن شئنا التَّوسع في موضوع الشِّعر .. دعوني أقول لكم أنَّ الشِّعرَ جمالًا، وليس للشِّعر علاقة بالأدب، فالأدب مدلول مادي يتصل بالعقل، بينما الشِّعر مدلول روحي يتصل بالنَّفس، وأدوات الشِّعر لا تلتقي بأدوات الأدب، بل إن أدوات كل من الشِّعر، والأدب، كل منهما يلغي الآخر، وتنفي صفة الآخر، وهاك أمثلة : إذا ما سلمنا أنَّ الفكر، والفلسفة، والتَّاريخ، وكل ما يتصل بالآداب - إلَّا الشِّعر - على أنَّه أدبًا، فإن الخيال يفسد التَّاريخ، والتَّشبيه، والجناس يفسد الفكر، وهكذا... في حين أن مادية، ومنطقية الآداب تفسد الشِّعر، أي أن أكذب الشِّعر أعذبه، وهاك بعض ما قال ذاك الكذوب الجميل ( أبو الطيب المتنبي ) : ((أنا الَّذي نظر الأعمى إلى أدبي واسمعت شعري من به صمم)) ((إذا غامرت في شرف مروم فلا تقنع بما دون النجوم)) والكثير الكثير.. له، ولسواه من الكاذبين! عذرًا لإطالتي الَّتي - ربما - لا تفيد!. آنستم الشِّعر أنتم.
بين يديكِ أبكي معي!.