منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - يا "جبَّار"
الموضوع: يا "جبَّار"
عرض مشاركة واحدة
قديم 12-18-2012, 12:03 PM   #1
مجاهد السهلي
( شاعر وكاتب )

الصورة الرمزية مجاهد السهلي

 






 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 13

مجاهد السهلي غير متواجد حاليا

افتراضي يا "جبَّار"


إلى وقتٍ قريب كنتُ أظن أن معنى إسم (الجبَّار) لا يحتمل أكثر من معاني القوة و العنف و الصولة و الجولة.

فعندما يقولون : هذا رجلٌ جبَّارٌ أو امرأةٌ جبارةٌ ، يعنون أنه عنيف و قويٌ بلا هوداه.

فهو يُجبرُ الآخر على ما يريد و يقهره ، لذا كان جبارا.

و لكن عند الرجوع إلى التصريف اللغوي نجد أن الفعل "جَبَرَ" يتصرف كالآتي :
جبر يجبرُ جبْرا و المبالغة منه "جبَّارٌ" و اسم الفاعل "جابرٌ" و "متجبِّرٌ" يأخذ معنى اسم الفاعل سوى ما فيه من المبالغة في المعنى ؛ لأن القاعدة أنه كلما زاد تضعيف الحرف كلما زاد المعنى قوَّةً ، و كلما كثرت الحروف عن التصريف الثلاثي فهو إفادة للمبالغة كذلك.

و أحب أن ألفت النظر إلى أن أسماء الله تعالى هي أسماءٌ و صفاتٌ فليست متمحضة في العلمية من غير معنى.

و من أسمائه تعالى "الجبَّار" ، أدهشني شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله حين أفاد أن إسم الجبار من أرق أسماء الله تعالى و ارجاها و أكثرها حنواً.

و تسميته تعالى نفسه ب"الجبَّار" بتضعيف الباء يفيد المبالغة و التكرار لمعنى الإسم و هو الجبْرُ ، خلافا لاسم الجابر فهو لا يحمل هذا المعنى من جميع وجوهه.

و أنا أتأملُ الفرق بين إسم الرحمن أو الرحيم و بين الجبار الذي يحمل معنى جبر الكسْر فأجد أن صفة الرحمة عامة و صفة الجبر خاصة ، فكأن الجبَّار قبل أن يجبر الكسر رحمه فجبره. فالجبر للكسر و للضعف لا يكون إلا من صاحب رحمة واسعة.
فما أرحم الله و ما أكثر ما يجبر من أحوال خلقه .


فحين يكسر الزمنُ قلبك فقل يا جبَّار اجبر قلبي ، و حين ترميك النوائب عن قوس واحدة فقل : يا جباَّر اجبر كسري.

فلن يتركك تروح و تغدو بين أوجاعك من غير أن يجبرك في ألامك و أوجاعك إن لم يكن هناك مانع من الإستجابة للدعاء.


و يقول الناس : جبر خاطره ، يعني طيَّبه و لملم جرحه و أرضاه.

فهو سبحانه و تعالى جابر القلوب المنكسرة ، و جابر العظم المكسور .

و لا يطلق معنى جبر الشيء إلا عندما يكون مصابه و جرحه عميقا جدا و في مكان ليس من السهل برؤه فيستدعي المرء هذه الصفة و هي جبر الكسر.

و هذا من أسرار هذا الإسم العظيم الرحيم .

فيا جبار اجبر قلبي و أصلح حالي و حال المسلمين.



( هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُالْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ)

 

التوقيع

رؤيَ أحد المحدثين في المنام بعد وفاته و قد وقف أمام ربه ، فناقشه ذنوبه. فقال له : ياربِّ ما هكذا بلغني عنك !!.. قال : و ما بلغك عني.؟ قال : حدثنا فلان قال حدثنا فلان عن فلان عن رسول الله صلى الله عليه و اله و سلم أنك قلت: إن رحمتي سبقت غضبي.. قال فضحك رب العزة و قال له: قد عفوت عنك.

اللهم إني ألتمس رضاك و غفرانك لأبي بما قطعته على نفسك أن رحمتك تسبق غضبك

مجاهد السهلي غير متصل   رد مع اقتباس