منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - |ـ أُبـصِر .
الموضوع: |ـ أُبـصِر .
عرض مشاركة واحدة
قديم 02-12-2012, 11:15 AM   #1
وَرْد عسيري
( شاعرة وكاتبة )

افتراضي |ـ أُبـصِر .


نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة









عينانِ للأعلى ، إنها السدرة و المصلُ في يدي *
هذا الوجلُ البُد منه .. هذا الذي يمحو ملامح الحياةِ أولاً كي يزول ، و هذه الروح الممرغةِ بالمنفى ، يحومُ حولها ولا عتمةَ تُخفيها عنه . و كل ما في الحوْلِ في جمُود ، لا وقتَ يمضي بصوتٍ رهيب ، لا شيءَ ينفقُ نفسه إلا الانتِظَار ، وَ أنَا طيبةٌ لا أبكي .. ولمَ أبكي و أنا العبقُ المتوقف على سبيلِ قلبه ، لمَ احتاجُ أن أبكي و البكاءُ يرفُضُ أن يكُون ظهرَ الاحتِمال ، لمَ علي أن أبكي و أنا التي تحضُر في قلبِها يواقيتُ الريح .. و يصيحُ فيه الصدى ، آنستُ الصدى و البياض .. فاشتهيتُ أن أكون لمرةٍ واحدة خارج كُل شيءٍ و في الطفو تماماً . اشتهيتُ أن أدع لقلبِي حريةَ الخيارَ .. حريةَ البقاء .. حرية الموت .

عينَانِ مغمضتان ، و قلبٌ طافحٌ بِكل شيءٍ إلا نفسه *
لا أُريد أن أتذكر شيئاً ، أريد أن اترُكني بسلامٍ دون أن أُثِير في إنهاكي إنهاكٌ آخر ، على حافةِ المنطق أكون ، يدُ الحياة تفُك قبضتها عن يدٍ على مهل .. و يدي الأخرى مفلوتةٌ للغيم ، تفرُ مني نحوَ الإطمئنان حتى أحتمي في مكانٍ لا أسقُطُ فيه فجأةً وَ لا أكبر فيه فجأة وَ لا أخافَ .. و لا أحس . وفي شمال الصدر .. يحتبسُ حدسي المسكين الـ يؤمن أن في السماءِ هالةٌ تسقط منها الرحمات ، يعلمُ أن لي منها واحدة .. حتماً ستسقطُ ..و سأرتاح كثيراً .
هُو ذا .. الغيمُ قريبٌ جداً .. و هناك من يحجُبني عنه . أراهُم جيداً .. هذا الذي لا أعرفه لكنه وعدني أن يعمل جهدهُ .. يتصببُ عرقه ، هذه الصوتُ الحاني أعرفه : أمي تفتحُ فاها بكل الدعاء ، هذه تنهيدةُ الضيْم بي .. تنهيدةُ أبي .. صامتٌ يُقلبُ فِكرهُ على الماءِ و كفه ، و هذه الغرفة .. و أظنُني فيها.. أنا ؟ أيني ؟ لا أراني .. لكني أعلمُ أني في مكانٍ ما .. هُنا نصفٌ فِي الواقعِ و نصفٌ في الغيب ، مُؤتية الخير في الابتلاء .. فما كنتُ إلا العصفُورة التي بذلت كل نفسها لتبقَ حيةً ليومٍ آخر .

عينانِ دامعتان ، و عقلٌ يُحصي ولائدُ الخوف جَلداً *
في الحقلِ الذي وجدتُ نفسي فيه ، و الإطمئنان ِالمُزينِ بضحكاتِ الصِغار ، تُلفظُ الدعواتُ حَول مداري ، و تُربتُ الأكف بمسكنةِ الآمنين ، و باحتماءِ الخائف .. أُردد بنيةِ الصلاة " ربي " : اجلعني مُهاجرةً للنورِ في كلا الطريقين . فلا مأوى يأوي و لا تعبٌ ينام .. والضيم غافٍ فوق الصحوة ، وكل شيء متاهة. لم أضع .. لم تمُر خلالي الضجّة .. لم يستقِر شيءٌ بالداخِل حتى نفسي . أُعييتُ | لكني لم أدمع ، و صحيح أني لن أكسب شيءٍ .. إذا مُت ، ... لكني سأجدني ولو لمرةٍ ما بين الضفتين .. أتنفس . سأجدُ مخبأ الميلاد .. سأعرفُ إلى أين ذهبت العصافيرُ الصغيرة التي دفنتُها في طفولتي ، سأرفرفُ مثلها و بدون خوف .. و رفرفةً هادئة جداً ، سأقول لأبي أني أحبه كثيراً كأن لم أُحب قط في الحياة ، ثُم أنامُ على السدرة ... أنام.



مارس/2011 : شهرُ التيه عن ميلادي



 

التوقيع

أعرفُ أنني أمضي إلى ما لستُ أعرفُ *


نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلةنقره لعرض الصورة في صفحة مستقلةنقره لعرض الصورة في صفحة مستقلةنقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

وَرْد عسيري غير متصل   رد مع اقتباس