منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - [.. مَـلَاكِي الصَّغِير ..].،
عرض مشاركة واحدة
قديم 06-20-2011, 06:41 AM   #1
جميلة الراشد
( كاتبة )

افتراضي [.. مَـلَاكِي الصَّغِير ..].،


اِرحَل!
فَـ أَفْلَاكُ الطبيعَةِ مَهْجُورَةٌ يَا صَغِيري.!
:
:
:
مَا هذا السَّعير المتكوِّم بقلبِي الرَّاجف، إِنِّي اَسْمَعُ صَدى شراراتِه وَ هيَ تَؤُزّ حِبَال الصَّبْر اَزَّاً .!

مَلَاكِيَ الطَّاهِر وَ نَهْرِيَ النَّدي، وَحدهُ صوتكَ يسقط في باحَتي، أُنْصِتُ لِضَجِيجِ المَطَر حين يشاكس وجهكَ و يعرِّيَ مسامكَ، وحدهَا الفِتْنَة تنبِتُ من بينِ أصابعكَ حين تحْجِب بها وجنَتَيكَ الخمريتين.!

حَبيبي وَ ضِيَاء عيني، فِي أي جِهةٍ مِن السَّماء كنتَ تبني بيتكَ دونَ أنْ تمدَّ ذراعيكَ نحوي؟
أيّ كون كنتَ تزرع النور فيه و أَثْقَلتَ في عيني كلّ وَهَج؟!
أيّ أمّ أشْعَرتكَ بحنوها و دفئها أكثر منِّي؟!
و أيّ حقائق فنَّدَتهَا أصابعكَ المتجمِّدَة أمَامَ وجهِي السَّاخِن بكاءً.؟!
:
:
:
وَاحرَّ قلبِي و يَا حرقَة أنفَاسي حينَ خَطَفكَ البيَاض مِنْ عمقِ الضحكاتِ ذات الجِهَات
الأربعة، فسَعادتي خلصت الروح منها، مع كلِّ إشراق اَذهبُ إلَى آمال مركوزة في عالمٍ
اَدسه عنكَ، عالم لَا تغيبَ فيه شمسكَ، و لَا يخسف به قمرك.!
يُقَال في أذهاننا قديمًا أنَّ الأحلَام لَا تكون إلَّا لِلبُسَطاء، كنتُ ألبسكَ الحلم و أنتَ الغني
بحبِّي فلَا عُقْمَ اَرْضعتكَ إيَّاه، و لَا شرود وهبتكَ إياه سرَّا.!
:
:
:
يا ثغره الجميل، حدَّثه كيف استحال الجسد إلى هشيم، و الأماني استهلكها الصبر فأصابها الصمم، أخبِره كيف تمسي الرُّوح و هي مضطربة مفكوكة تَعْزِفُ ألحانَ الموتِ مع كل عبرة.!
القَلبُ إذَا تشبثَ بطفل، لَا يعرف السنين و لَا يحسب الأيام إلَّا جنوحًا/جنونًا،
يحيك خيوط الحياة حولَ مواضع الخرافة، و الرُّوح إنْ تشَعَّبَ بِداخلها الفقد استحالت أرْضًا خراب، يهجرها كل معنىً لِلجمال.!
اي و ربي يا صغيري.!
:
:
:
أمَّكَ يلتمِع في عينيها المِلح [.. لمع السَّراب ..]، و لمْ تعد تحتمِل أهْدابها نزف
السَّحاب، تطوي بداخلها آفاقًا يمضغ فيها الصبر عافيتها، لَا يركد بها الشوق، و لَا
يستكين بها التوق .!
ذهَبَ عقلها مع حكاياتِ الليل و أغنياتِ الصباح، توزِّع سكاكر الحب حينَ يتسلل
الحَمام و يضرم بهديلهِ الويلَ فتشعر بالموتِ إلَّا قليلًا.!
:
:
:
يا فرحتي الأولَى و زهرتي الرضِيَّة، هلْ تدركُ مايقولونه أنّ المعنى يموت في أيدي العاجزين؟
هلْ عجزت أمكَ في تكوينِ العيش الرحيم لقلبكَ الصغير فَأبدلتَ سعادتها بكَ إلى جحيم يكوي أركانَ الشوق دون عويل؟!
ذابتْ كل جبالِ الروح، و اقتسمت الأنين معه ليهب كل منهما أغشية مهترئة لَا تسد عورةَ الثكلَى.!
تبدَّلتْ كل معاني طبيعتي الإنسانيَّة حينَ عرفتُ سرَّ صمتكَ و رأيتُ وجهكَ الثلجي، ضَاع الكبرياء حينَ رفضتُ المعزينَ بك، و المترحمينَ عليك، حتَّى قميصكَ المنكمش لمْ اَخنْ حبي لك فيه فقسَوتُ عليه بقلقٍ لَا يخفف الوجعَ بي.!
أجهَشتُ بالغربةِ دونكَ و لمسكَ، فما أسوأ تلكَ الشاهدة التي خلتْ من مأكلكَ و مشربكَ و
سريرك، لذا اشتهيتُ في عمقِ اللحظةِ أنْ أعيدكَ داخلي و ألقمكَ الحب دونَ تذاكرَ سفر.!
:
:
:
غادرتني مبكراً لتبعثَ إليَّ تفسيراً بالشَرخِ الذي ترسمه وحيدًا بعد المطر.!
غادرتني مبكراً و لروحكَ أغنياتٌ تتلَى آناء الشوق .. و أطراف الحنِين .!



جميله الرَّاشد*

 

جميلة الراشد غير متصل   رد مع اقتباس