شيزوفرينيا حادّة .
..
[الرجلُ الطويل الذي يبكي وحيداً و ينشج ، أراه في البرزخِ بين الصحو و المنام ، أقربُ الشكِّ أنّهُ يأتي كلّ ليلة ليدخل أحداقي و يبكي ، فخطوطِ الدمع الجافّ فوق وجهي أمسحها كلّ يومٍ بخوفٍ رهيب و أنا أبادل المرآة الملامح ، لابدّ أنّه هنا في مكانٍ ما .. في البرزخ يُخلق و في الصحوِ يُفنى !
..
ذلك الرجل الطويل الظلال ، يخرجُ حاملاً (غترته) في يدهِ و يقطع الشوارع بهلعٍ مستمرّ و لا يلقيها ، ليطارد الليلَ الأشدّ في أطرافِ المدينة ، يبحثُ عن عتمةٍ خالصة السواد ، أراه ، كأنّي الآن أراه ، يجري و يحتكُّ في الجُدُر الإسمنتيّة بذراعهِ التي لا تحملُ شيئاً ، و أمامه دربٌ طويلٌ من الأعمدة المُنارة و العتمةُ آخرها ، .. الرجلُ الطويلُ أسمعه ، كأنّي الآن أسمعه ، يبكي وحيداً و ينشجُ ، و يجري في تعثّره دون أن يزلّ، ثمّ يختفي .. في السوادِ المتضاعفِ على الأطراف !
..
الرجلُ ذاته يغيب في المنام ، و أمّي _ التي تتركني أنامُ في الضوءِ ! _ عند أوّلِ الصحوِ تنظرُ بإشفاقٍ و تهمس :
- ولدي .. نمْ بعد أن تقرأ المعوّذات ، إيّاكَ أن تنسَ !
أقومُ .. و على وجهي خطوط دمعٍ و في يدي غترةٌ لرجلٍ طويل !]
__________
تمّت .
عُمر بن عبدالعزيز .