إن كل عملٍ إصلاحي لابد أن ينطلق لمصلحة عامة تنفع الأمة في جميع جوانبها, يحرص أصحابه على التجرد في نياتهم, وتحري الصواب في أحكامهم, والسداد في أعمالهم, يباركون مايجدون من جميل الفعل, ويصلحون مايرونه من فساد وخلل, وأذكرهم بقول النبي عليه الصلاة والسلام (إن مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجل بنى بيتاً فأحسنه وأجمله إلا موضع لبنة من زاوية فجعل الناس يطوفون به ويعجبون له ويقولون : هلا وضعت هذه اللبنة ؟ قال : فأنا اللبنة وأنا خاتم النبيين ) وقال صلى الله عليه وسلم (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق) .
إن التجديد أمر كوني في حياة الأمم وفي الإسلام قد أخبر به صلى الله عليه وسلم (أن الله بعث لهذه الأمة على رأس كل مائة عام من يجدد لها دينها ) والعاقل يسعى للتأمل والتساؤل وأهمية التفريق بين الهدم والبناء, والفوضى والنظام, والذوبان والتغيير. فكم من جهود أخرجت الأمة من دينها ودنياها, وأبقتها في الطريق حائرة, فلا هي التي قطعت طريقاً ولا لظهر أبقت, وهاهي كل يوم تبحث عن رمز, وتتمسك بسراب من دعواة هنا وهناك, لاتزيدها إلا إنهاكاً في بدنها وبعداً عن الطريق المستقيم .
إن هذه التيارات والحركات والجهود والجماعات تمثل تنوعاً وتكاملاً في مجتمع يبحث عن الحضارة والتطور, وتمثل في مجتمع يحب الذات والملذات فتنة التناحر والتنازع والتصفية والطعن في النيات والتقليل من الجهود و مصادرتها, وإلباس الحق بالباطل؛ وهذا المجتمع حري بأن يتمثل أصحاب دعاوى الإصلاح فيه أبجديات الأخلاق, من الصدق والتواضع والتثبت والتورع وأدب الحوار وعدم رمي الآخرين بالجهل, وتزكية أنفسهم , والتزود من العلم, ومدافعة الهوى .
.