- لم أجدد بطاقة الأحوال الشخصية التي لا أزال على حسب التفاصيل المذكورة فيها طالبة !
- اهمال ..
- ليس الأمر كذلك حقاً ، و لكنني كنت مشغولة به .. أترين كيف أننا معهم نُضيِّع حتى تفاصيلنا الصغيرة ..
- نفعل نعم ! أتصدقين أنني أعددت يوماً كعكة و نسيت إضافة البيض لها .؟! كنت أفكر فيه
..
في حضرتهم نُضيِّع حتى تفاصيلنا الصغيرة ! حتى و إن لم يكونو هم فمرور طيفهم يكفي لينسينا الكثير .. كنت تائهة فيه لما يزيد عن عامين ، أفكر به و بأموره وما آلت إليه حياته و أمور قلبه و كيف واتته أفراحه و أحزانه و على أي جنب كان حينذاك يوم أن طرقت عليه بابه فيما كنت أنا ذاهلة عن أمر نفسي و لم أفعل لنفسي شيئاً مهماً يذكر ! الآن ، و بعد أن اقصيت نفسي و استقريت بقلبي بعيداً عنه ، و بعد أن أعدت التدقيق في جل حساباتي اكتشفت كم كنت ملأى بالفوضى و كم كنت مهملة في أداء كل واجباتي و فروضي عداه ! غرفتي جميلة نظيفة نعم و لكن كل أشيائها مبعثرة ، الستائر لم ترفع إلا لماماً و النافذة ما فتحتها مذ فتحتها يوم أن انقض عليَّ وحش الحزن و نهش قلب فرحي ، مقبض الباب بحاجة لتشحيم و لكنني غفلت عنه إذ أنني لم أكن أفتحه إلا بهدوء و دلالٍ بالغين لإنتمائه إلى جسد ملجأي الذي أحب . و إن فتحته بقوة فصوت أزيز قطعة المقبض المعدنية يكاد يكون أجمل أغنية أسمعها ، إذ أنني لا أفعلها إلّا إن كان هو المتصل فأركض بكل خفة إلى وكري لأختلي به وسط ضحكاتٍ المحيطين بي . و لأن القلب و الفكر حينها كلهما له ، فلا تهمني طريقة فتح الباب إذ لم يعد ذلك أمراً يستحق الذكر . و أصبحت أفعلها كثيراً بعده إن كنت ساهية أفكر في أيامنا التي خلت .. أما خزانتي ، فالفوضى العارمة بداخلها لا تسهل عليَّ انتقاء ملابسي ، فأضطر لأن أرتدي أي شيء و إن لم يكن منسقاً و أنا التي لا ترتدي أي شيء إلا بعد تمحيص و تدقيق ، كنت في تلك الفترة أرتدي خرقاً لا تناسب بعضها البعض و الصورُ خير شاهد !
و أما مكتبتي الصغيرة فقد كانت تشكو صراع الكتب على رفوفها ، كل يصرخ أنا أولاً ، أنا الأعمق ، أنا الأكثر فائدة ، أنا الأكثر متعة ، أنا الأكبر إثارة .... و صراع لا ينتهي ، بيد أنه لا أُذن تلقي لهم سمعاً و لا عقلاً يلقي لهم بالاً .. إذ ما فائدة اشباع الروح و قيمة الروح مفقودة ! ليس ذلك وحسب ، فأنا نفسي كنت أشكوني لنفسي ، فشعري لم يذق طعم زيوت الترطيب لشهور طويلة ، كما أن بشرتي تاقت لأن تنفض عنها خلاياها القديمة الميتة .. حتى حين نظرت لنفسي لأول وهلة بُعيد انفصالنا و إعادة تأهيلي لنفسي في المرآة ، عيناي الذابلتان ، وجنتاي الباهتتان ، عظمتا ترقوَّتي البارزتان ، و جسدي النحيل جداً ، أخافتني هذه الصورة ، أهذه حقاً أنا .؟! يا الله ما الذي فعلته بنفسي ؟! حسنا يحدث ذلك حقاً حين يتخلى العقل عن وظائفه الحيوية متيحاً الفرصة للقلب ليحكم ما يريد ، فلا شيء يفسر إهمال الذات و النفس عدا الغباء العاطفي ! تقول صديقتي بأنني حقاً كنت كطائر فصل عن نصفه الآخر عنوة فغدا يحتضر على طريقته !
صدقاً ، لا تعقل في الحب !
_ قابلٌ للنقد حتماً _
