[د. عمرو الساهري]

هل تذكُرينى
-------------
وسألتُها بكلِّ شوقِ العاشقين ..
هل تذكرينى ؟
أو تذكُري وجهى الحزين ؟
هل تذكرينى؟
وأنا اشتهيتُكِ من سنين؟
هل تذكرينى؟
وأنا الذى ضاعت شكوكى فى هواكِ ،
ورفعتُ وجهى كى اُقبِّل خدَّكِ ،
وأغيبُ فى بحرِ اليقين؟
هل تذكريني؟
وأنا الذى قد غبتُ عنِّي ،
واكتوى قلبي ببعدكِ بعدما ،
أكل النوى صبرى وحاصرنى الأنين....
ورجعتُ نشواناً إليكِ ،
يقودنى ظمأُ الهوى وتهزُّنى أشجانُ حُبِّى المستكين؟
هل تذكرينى؟
جاوبينى....
وامنحى شغفى اللجوء لأرضِ حُسنكِ ،
وامنحى روحى الدخول لديكِ دوماً فى زمامِ الآمنين.
هل تذكريني؟
أو تذكرى تلك الدموع؟
أو لهفتى وما تمزَّق بالضلوع؟
إنِّى أتيتكِ رافعاً كفِّى إليكِ ؛
مُنادياً ،
ومناجياً ،
وراجياً ،
وكأنَّك صرتِ إلهي بالهوى ،
وكأنَّنى صرتُ لديكِ كاليسوع....
هل تذكرينى؟
أنا قد نسيتُ ملامحى ،
وجهلتُ نفسي بعدما،
رحلتُ عن شبهى الغريب....
أنا قد سأمتُ من الصدود،
ومن تعرِّى عواطفى ،
ومن الجمود،
من الهروبِ ،
وعرفتُ أنَّى منكِ انتِ ،
وأنتِ مني ،
وأخافُ من أجلى القريب....
هل تذكرينى ؟
وأنا الذى أحنُّ دوماً للهوى ،
وأرتجى منكِ القبول،
وأرفعُ الشكوى اليكِ ،
بكلِّ تقوى الصابرين
واذرف الدمع لديكِ ،
دمع عاشق يرتجى لمس الأصابع والجبين..
دمع عاشق من سنين الوجدِ يرجو قُبلةً ،
يرجو الصفاء ،
يرجو المحبة والحنين..
أوَّ تذكرينى بعدما ،
قد قلتِ أنِّى قد نسيتُ العهد والعشق القديم ،
وبأنَّنى أنا قد غدرتُ ،
وقد فجرتُ فى هواكِ ،
وأنَّنى لا أملكِ القلب الرحيم ..
إنِّى ارتجيتكُ من إلهى خالصاً،
وعشقتُكِ بكلِ طيش الطائشين ،
بكل عنفِ الساذجين ،
بكل أحلامِ الصغار ،
بكلِّ مكر الماكرين،
بكلِّ خوفِ الطامعين ،
بكل عقل العاقلين ،
هل تذكرينى ؟
أو تذكرين ملامحى ،
لما دعيتُكِ للهوى ،
وشحوبُ وجهى يسوقنى ،
ورعشتى ،
واصبعُ الخوفِ يقدُّ لى حبل الوتين ،
وأنت لاهيةٌ ،
وفى صدٍّ قد قلتِى لي ،
اذهب فإنِّي لا أحبُّ ولا أريد ،
ورجعتُ وحدى فى كهوفِ ضلالتي ،
ونشوتى الحيرى ولهفتى ،
تجرُّها كفُّ رفضٍ بالمذلَّةٍ وأنتِ كنتِ ولا تزالى تعرفين....
فلا تقولى بأنَّنى قد بعتُ عشقكِ للهوى ،
أو للسماء ،
وأنَّنى قد سرتُ عنكِ فى طريق الضائعين.
هل تذكرينى؟
أنا قد نسيتُ ملامحى ،
وما نسيتُ بأنَّكِ قد كنتِ امِّى ،
حبيبتى ،
ملاذ خوفي ،
وبسمتى ،
جنتى ،
ورفيقتى ،
ومطمعى ،
وطفلتى الأولى ،
فى دنيا الهوى وفى عصور الصالحين..
فأنتِ دوماً لى حياتى ،
والله يدرى بالقلوبِ ،
وهو خيرُ الوارثين.
*
د / عمرو الساهرى
2010