التشظي الذي يعاني منه الصف الإسلامي, هو تمحيص من الله تعالى يحصل للمؤمنين عبر التاريخ, والذي يجدر بالعقلاء هو البحث عن الأسباب وتقديم الحلول, ولعل منهج الكتاب والسنة يحمل الرؤية الواضحة حول الأسباب والحلول :
* غياب المرجعية سواء بموتهم أو سجنهم أو تغير أفكارهم يمثل أقوى الأسباب في هذا الجانب, ويعني نهاية مرحلة وبداية مرحلة جديدة تعاني من الفوضى, ويبق المجتمع يبحث فترة من الزمن عن مرجعية يستمد منها الرأي والفكر والعلم, ولقد كان موت عدد من العلماء خلال العشر السنوات المنصرمة يمثل الوجه الواضح لهذا السبب .
* ضياع المنهجية, إما بالبحث عن منهجية جديدة, سواء من اجتهادات داخل الصف أو بضغوط خارجية, ولعل السلفية التي كانت تمثل الركيزة الأساسية في المرحلة المنصرمة, فقد نشأت الدولة على أكتافها, وقامت هذه الصحوة المباركة مستمدة منها, وقد تعدى أثرها إلى أبعد مدى في العالم الإسلامي. وهي تمثل الحصن المنيع ضد التيار الليبرالي وأهل البدع من شيعة وصوفية, وضد التيار الذي يرى الإنفتاح على المذاهب الفقهية الأخرى والبحث عن السهل فيها .
هذه المنهجية أصبحت أسهم من الداخل والخارج تتجه للنيل منها وتصمها بأنها مصدرة للعنف سواء في الفتاوى الفهية أو العقائدية .
* الخلل في الرؤية لمفهوم الإسلام, وجعل الميزان الدنيوي يغلب للنظرة إلى الدين, فأصبحت المقارنة مع الدول المتقدمة في جوانب الحياة المادية منهجاً مثالياً لم يكن يوماً من الأيام مقياساً للدين الإسلامي . وأيضاً غياب مفهوم الغربة التي هي ملازمة لهذا الدين وأهله والقياس بما عليه الناس حتى أضح التشريع يعتمد على مايرغبه الناس, فأصبحت بعض رموز الصحوة مثاراً للجدل في نفسها بعيداً عن منهجها .
أسباب كثيرة لعل أبرزها ماتم ذكره, ولو تأمل متأمل وعاد إلى منهج الدين وبساطته وعمقه لوجد أنه يقوم على قواعد أربع : العلم العمل الدعوة إليه الصبر على الأذى فيه, وحين تغيب هذه الرؤية وهذه القواعد يحصل النزاع وتفشل الأمة وتعود القهقرى ردحاً من الزمن .