القطيعة من النفس انقطاع عن السير؛ وإيغال في الخطأ حتى الهلاك, نهرب منها وحين نراها في المرآة نتهمها بالتشوه, وظهور تجاعيد الأنانية عليها, وبروز شيب الخطأ الذي لانشعر بنبته, إنها تسير في طريق طويل, قلَّ فيه الزاد وتاهت الرؤى, أذلها الزمن وقتلها التكبر. نفوس آخر الزمن برأيها معجبة, ولهواها طائعة, والشح عن كل خير ديدنها, في الحق عاجزه, وعلى الباطل جلدة, لايعجزها حمل جبل من لهو, ولاتستطيع جر حبل للطاعة .
كم أتمنى حين أقف مع نفسي أن أكون على الهواء مباشرة أمام الناس, فكم جرتني إلى الباطل من باب الحق, وكم أخرجتني من الحق من نافذة الباطل, قد يمر عمرٍ لا أرى خطأها, قد يمر عمر أنكره أنه ليس مايكون, لقد ظلمتني, ولقد ظلمتها, وظلمت خلقاً كثيراً, ظلمت القريب بالقطيعة, وظلمت الزمن بسب الزمن, وظلمت حظي بسوء حظي .
أيعقل أن النَّاس ظلموني, أيعقل أنَّ النَّاس يحسدونني, أيعقل أني سأقف بين يدي ربي مبرأ من كل عيب كالملائكة, ؟؟
ويحك يا أبا زيد إنَّ أمك وهي أمَّك لن تتحمل عنك فشلك في الدنيا, ولاخطأك في حق نفسك, ولالن تحمل أثقالك يوم القيامة . تلك الساعة ينادي الكل نفسي نفسي, فليتني أدرك هذا في كل لحظة خطأ في الدنيا وأقول نفسي نفسي, ثم أبقى خصيمها وغريمها ومحاسبها وقائدها وخاطمها, والله يا نفسي لأجاهدنك كما أجاهد الشرك وأهله, ولأستبقنّك عند كل طريق أدلك على مواطن الخير, بالله أستعين عليك, وأنا وأنتِ بالله نستعين, ولافكاك من هذا الصراع حتى نرد الجنَّة سواء .