*
[ أحب الصالحين ولستُ منهم ]
هل يمكن أن ننتبه لرسالة الشافعي السياسية؟
ليس شرطاً أن يكون اسم البرلمان [ مجلس الشورى ] لنعتبره إسلامياً، عادلاً، يحرص على تطبيق شرع الله. بل على العكس تماماً، ثمة مجالس شورى إسلامية (كما تصف نفسها) لم تتمثّل بما جاء في الكتاب والسنة كما تمثلت بها برلمانات العالم غير الإسلامي - بقصدٍ ودون قصد. عند الإغريق (قبل حتى ميلاد المسيح عليه السلام) توصّلوا إلى فكرة مكلفة جداً لتحقيق العدالة، وكأنهم طبّقوا مقولة " إقامة العدل مهما كان الثمن " بمعناها اللفظي، فزادوا أعضاء هيئة المحلّفين إلى ألف وأكثر من ألف شخص لكي يصعب على الجناة رشوتهم جميعاً. كم نقدّر نسبة عدالة القضاء الإسلامي في 2010 إذا قورنت بنسبة العدالة الإغريقية في العام 50 ق م؟ علينا هنا أن نشير إلى نقطة تثير الضحك.. الظلم الجائر في الحكم على سقراط بالإعدام وإرغامه على تجرّع السم وقتها كان بسبب تدخل رجال الدين بالقضاء وإصدار هذا الحكم دون محاكمة تذكر. هاهو السياق التاريخي يثبت لنا خطورة " رجال الدين " على الدين، سقراط لم يكن مجرد فيلسوف ومعلّم عظيم، بل أنهم كانوا يسمّونه الملحد (لأنه كان يؤمن بوجود إله واحد فقط) وكان ذلك ضد الثقافة اليونانية القديمة المعروفة بالأساطير والميثولوجيات التي لازالت تلاقي قبولاً في عقل الإنسان المتحضّر، ولو من باب التسلية كأدنى حد. وحين نتطرّق لهذه التدخلات السافرة من رجال الدين على القضاء نجد أن هؤلاء - كما أشرتَ فعلاً - لا يؤمنون بالعلوم والفنون الأخرى بل ويحاربونها ويجرّمون ممارسيها باسم الدين: الدين الذي نزل سلاماً ليجعلوه سلاحاً في أيديهم! ولا داعي لذكر ما حدث لجاليلو وتسلّط الكنيسة في معلومة أصبحت الآن مجرد معلومة تافهة لا تخفى على الأطفال الصغار
الإسلام دين التخصصات، فمسمى " رجل الدين " ماهو إلا ترف لا يفيد الدولة الإسلامية حقاً (بل أنه لا يفيد الدولة الإسلامية بالذات) ولكنه الآن هو الكل بالكل! كيف يمكن لرجل الدين إقامة دولة إسلامية وهو لا يجيد الحساب والقانون والتاريخ والفن والأدب والطب والزراعة..الخ؟ لماذا لا تبحث الدول الإسلامية (كما تزعم وتصف نفسها) عن خبير اقتصادي عبقري يؤسس اقتصاداً إسلامياً قوي ومتين ضد كل صعوبات القرن الحادي والعشرين؟ ليس عيباً إن لم يعرف باب ما جاء في مسح الخفّين، العيب أن يغيّب مثل هذا الرجل في عالم البيروقراطية ويغيّب علمه بحجة أنه [ يحب الصالحين وليس منهم ]
بالإذن بو سعود،
استكانه چاي وراجع (: