د.باسم القاسم
ـــــــــــ
* * *
أُرحبُ بك كثيْراً .
:
مِن كَأس الرؤْيا لا الرؤْية ،
يُسقيْنا باسم الشّعر شعراً لا نظمأ بعده أبدا .
أمّا لماذا الرؤْيا لا الرؤْية فمِن موْضوع [ الرُؤيَة وَ الرُؤْيا فِي الشّعر ] ،
أقْتبِسُ :
" يبذل النقد الحديث جهوداً واضحةً في التـفريق بين كلمتي " الرؤيا " و " الرؤية " يقيناً بضرورة هذا التـفريق ومحاولة تحديد ملامح هاتين
الكلمتين . ولولا هذه الأهمية لِوضع تعريفٍ لهما ما اشتغل أكثر النقاد على تقليص الخطورة بينهما .
إنّ الشعر إذ ينطلق من الشاعر باتجاهنا لا يأخذ معه إلا خالقه وموجده ،
معجوناً بحدسه وخبرته ، بنفسه ونظرته برؤاه للأشياء وبدؤها مروراً بانتهائها لا يلامس الأشياء من الخارج بل يتعمّق فيها و يمنحها شكلاً لا يليق بها إلا من خلاله .
إنّ توحد الشاعر مع العالم المحيط به ومنح هذا العالم دهشته ورؤاه وحلمه وفتنته يجعله يحتضن هذا الوجود بالشهوة والجنون والرؤيا .
يقول ماجد فخري : " إنّ الرؤيا في الشعر هي نفاذ الشاعر ببصيرة ٍ ثاقبة إلى ما تخبّئه المرئيات وراءها من معان ٍ وأشكال فيقتنصها ويكشف نقاب الحسّ عنها وبذلك يفتح عيوننا على ما في الأشياء المرئية من روعة وفتنة"
ويقول مارتن هيدجر " إنّ شعر الرؤيا هو ذلك الضرب من الكلام الذي يرفع النقاب من البداية عن كل شيء وعن كل ما نتناوله ونتداوله بعد ذلك في لغتنا اليومية الجارية "
كما يوضّح غالي شكري " أنّ شعر الرؤيا يستمدّ ملامحه من جماع التجربة الإنسانية التي يعيشها الشاعر في عالمنا المعاصر بتكوينه الثقافي والسيكولوجي والاجتماعي ، وخبراته الجمالية في الخلق والتذوق ومعدل تجاوبه أو رفضه للمجتمع وطبيعة العلاقة بينه وبين أسرار الكون "
بينما يناقض ما سلف كلمة " رؤية " التي تعني " فعلاً جسدياً محضاً لا يلامس غير السطح من المرئيات ولا يصل إلى مكنونها الداخلي وما في صمتها البارد من توحش " .. علي جعفر .
ويرى ماجد فخري : " أنّ الشعر الذي يقتصر على الوصف التصويري للطبيعة أو على سرد الأحداث والمجريات يكاد لا يعدو نطاق الرؤية " ويرى أنّ شعراً كهذا هو أحطّ أنواع الشعر لأنّه يقتصر على استعراض ٍ
للجزئيات المرئية وهي مبذولة لكل ذي باصرة فأي فضلٍ للشاعر في التنبه إليها ؟ "
وصنّفها غالي شكري بأنّها الرؤية الفكرية للواقع والفن التي تمنح الأولوية في عناصر التجربة الشعرية للعنصر الاجتماعي والدلالة السياسية " .
من ذلك :
تعتبر الرؤيا رديف الحلم والامتزاج بالكون والتوحد بأشيائه ، إنّها عينٌ لا تنظر لتتحدث فقط بل تتحدث أثناء النظر، في اللحظة التي تُدهشك الأشياء تولد الرؤيا كحلم ،إنّها تستخدم استخداماً مرادفاً للحدس والسحر والتوق الصوفي
فهي ترفعك حيث العمق وتُنزلك حيثُ العلو .
"والشاعر في مفهوم الرؤيا الحديثة ليس وصافاً أو مراقباً أو معلقاً على ما يراه إنّ هؤلاء جميعاً يقفون على مبعدة من شهوة العالم أو بهجته المباشرة ، في منأى عن رذاذ الدم والأنين الذي يتطاير من قلبه المهشم ، وعينيه المطفأتين فهم يلمحون العالم ويبصرونه . والقصيدة لديهم في هذه الحالة تسجيل لفعل المشاهدة ، وصف وجداني لما يبدو عليه العالم ظاهرياً من رصانة أو تصدع " .. علي جعفر "
:
د.باسم
تَراتيلٌ مِن الشّكر تتْلوك .