- أنت لا تبوح لي كما أبوح لك!
- أنا رجل..
- هلاّ أخذت أذني أو أعطيتني همّك؟!
- افهميني، أنا رجل..
- كفاكَ مكابرة! قل شيئا ونفّسْ عن نفسك لي..
- أنا رجل يا حبيبتي.. وأنا شاعرٌ
لا خواتمَ بأصابعي، ولم تنتهِ رحلتي على قلوب النساء من الجنوب إلى الشمس، لكنني مطمئنٌ بما تخبئه القصيدة لي، القصيدة يا حبيبتي أخلصت يوم تاهتْ أقدامي، القصيدة أخلصت يوم خانتني المرأة، يوم تعرت مشاعري من جَلَدي استحالت القصيدة سترًا لها.
وأنا شاعرٌ، أحبّ المرأة لأنني أحبها، لا يهمني ما يحمله المدى لي من المفاجآت وقد أضحى قلبي قليل الدم، لا يهمني لو ذهبت المرأةُ إلى رجلٍ آخرَ، غدًا ستأتي امرأة ثانيةٌ لأحبها، لم أعد أتهيب قنينة الخمر، لم أعد آتهيب المرأة اليعربية، فما زال هناك حيّزٌ في القلب المتحجر للحب.
احمليني على ذاكرتك الممزقة، واقرئي لحبيبِك القادمِ شعري، واسكني أرضًا محايدة؛ وما زال في الجنوب متسع.
- أنتَ تهرب من حبِّنا!
- أنا أهرب من الماضي..
- إلى أين؟ إلى الحاضر أم إلى المستقبل؟!
- بل إلى القصيدة والحب..
- حبّي؟
- أجل
- متأكد؟
- ربّما، فأنا شاعر..
قيّدتُ أحرفي ما استطعتُ، وقد اتخذتها ملجأً مجبرًا؛ فيها رحلتي الحقيقية، التي جعلت فيها الواقع بلا ألوان، حيادًا، حبيبتي صديقتي، صديقتي حبيبتي، تتراءى لي بلقيس وسيارتُها، كأنها سيارتي، وقصيدتي لها، قصيدتي أعلقها على صدور الرجال والنساء.
قصيدتي لا تشق إلا صدرَ حبيبتي، وحبيبتي لم تعد تعرفني، وحبيبتي تبكي لأجلي، وحبيبتي تبكي جرّاءَ سطوة لساني، وحبيبتي تبكي في غيابي ولا تموت بسببه، وحبيبتي تقرأ شعري ولا تفهمه، وحبيبتي تسبح بين ساعدَيّ وتموت في القاع، وحبيبتي أعطتني دورَ الوصيّ عليها، وحبيبتي تجذبني بأمراضها الوهمية، وحبيبتي اختارت ألا تكونَ حبيبتي... حبيبتي قصيدتي التي كُتبت دون مشيئتي.
- من حبيبتك؟
- حبيبتي الأولى.
- وما موقعي من الإعراب؟
- أنت صديقتي الحبيبة.
- لكنك تخلطُ بين دورينا!
- ربّما، ولكنني أحبك...
ادخلي قلبي، واقرئي مدوناتي وخربشاتي على جدرانه، وابحثي عن صورتك الرمزية فيها، ابحثي عن صورتك المعلقةِ في قلبي / حذارِ أن تخلطي بينها وبين صورة أمي، مريمُ قادرة على المشي هونًا ما، من قلبي إلى رئتي، ومن رئتي إلى بصري، ومن بصري إلى مخيلتي / دعيها وشأنها، وامشي في نواحي قلبي.
ستجدين فيه صندوقًا أسودَ، افتحيه واسمعي ما كان يدور بخَلَدي ساعة ضممتُكِ إلى صدري... هل كنتُ أجلدُ ذاتي بما فيه الكفاية؟ لقد ضممتُك وقُضي الأمرُ! لكنني بكيتُ في يومٍ ما، أجل، بكيتُ؛ يومَ لم تأخذي بيدي عنك، يومَ رضيتِ عنّا نتّحدُُ في المدى...
لم أبكِ طويلاً، عملتُ على قلبي، أنا ما زلتُ أحاول أن أضبطَ إيقاعَ خطاي وأن أجعلها توافقُ نبضَ قلبي، شيئًا من الانسيابية في الحركة، إيقاعكِ، قلبي، أقدامي... أيشبهُ رقصي حينَها الحبَّ؟
عندما أمسك كفيْكِ، وأنظر إلى عينيكِ البرّاقتين، وأبتسم ابتسامةً حاضنةً مغمضًا عينيّ، وأوجّه أنفاسي إلى أذنك اليسرى، أدخلك قلبي لتجولي بين تفاصيل نبضِه، وأهمس: أحبّكِ... هل يجب أن تتأكدي من مصداقيتي عندها؟
- وأنا أحبك...
- لن ترضى بذلك حبيبتي...
- أنا حبيبتك يا مجنون!
- أنتِ حبيبتي الصديقة...
- لا تفعل ذلك بي! ستقتلني والله ستقتلني...
لا بأس، أنتِ ما زلتِ على قيد الحياة، وأنا نجوتُ قبلَك، لم يمت أحدٌ، ظننتُني أوّل من أحبّ، وظننتُني أوّلَ من أصيبَ في قلبِه، ولكنني أدركتُ أنني ما زلتُ حيًّا ساعةَ أيقظتني الشقيقة من نومي، عندها أخذت حبّة الإميتريكس، لتذهبَ الشقيقةُ ولتجف دماء قلبي، عندَها يا حبيبتي...
قررتُ أن أحبّ مرّة أخرى وأن أكتبَ الشعر...
نسيمٌ من القلب يمضي إلى القلب
بحثًا عن الحب، والنبض، والقافية