العنوان
((رماد لأوجهالزوبعة))
مدرسة العنوان والتوقيع ...
أتحفت النظرية النقدية الحديثة بخلاصةفكرية تشير إلى أن العنوان قد ينسحب إلى النص ليشكل نسقاً من أنساقه وحسب ..
مثلاً ((شتاء ريتا الطويل)) عنوان نصمعروف لمحمود درويش من يقرأ هذا النص ويعرفه يلاحظ أن العنوان في طيات النص متواجدكجزء من حوض النص الدلالي..
ومن جهة أخرى قد ينسحب النص إلى العنوان ليمثل العنوان الحوض الدلاليالمحيط بكامل أنساق النص وسياقاته مثلاً((مديح الظل العالي )) نص لذات الشاعر سنجد أن النص غارق تماماًفي الحوض الدلالي للعنوان ..
بحيث أن أنساق النص ودلالاته تشكل روافد وأنهاروبحار تصب في الحوض الدلالي للعنوان ..
/ياسر الأحمد/ يوقّع نفسه بعنوان انزياحهالدلالي يشير بثبات وقوة نحو فضاءات دلالية مشبعة بالتوتر وعدم الاستقرار :
رماد =بين الأبيض والأسود = عدم استقراربنية لونية
أوجه = تعددية غير محدودة النهاية =عدم ثباتشكلي
زوبعة = تقلب وتغيير = عدم ثباتحركي
إنه هنا بالفعل يزيحالجملة /العنوان إلى مدلولات متوترة ولكنه وبنفس الوقت يثبتها: كيف ذلك ..؟
لايريد الشاعرأن يقبض عليه أحد ولكنه بنفس الوقت يكتب ليقبض على نفسه في لحظة التجلي ، وهذامايفسر التمركز المنطقي المتواري في العنوان فالتقاطع الدلالي بين مفردات العنوانواضح كل مفردة لها مبرر بربطها مع التي تليها ويعطيها ارتباط منطقي
ولكنبنائية العنوان ككل تنزاح باتجاه مدلولات غير مستقرة ومتوترة ومركز الدائرةلمدلولات العنوان هي المفردة/الدال =الزوبعة/ العاصفة ..
لانخفي البراعة البنائيةفي العنوان ...فهل سنتوقع بأنه سيؤمن حوضاً دلالياً واسعاً يستوعب النص ..أم أنهسيكون جزءاً من النص يتم التنويه عنه ...
هذا ماسنحاول تقصيه واستدراكه
"يتبع"
ياسر الأحمد
هكذا يقول البنيويون..
النص /الصرح /البناء ..
((رماد لأوجه الزوبعة))
نصٌ ينقسم إلى مرحلتين بنائيتين ..
المرحلة الأولى
بنية ذات دلالات سكونية /نمطية/تأملية ..
تبدأ من(أرتجف كفردوسٍ)وتنتهي بتصاعدية دلالية وغنائية عند(أجراسٌ تنذربالخسف) ..
ينجح الكاتب هنا في تثبيت إشارات لغوية تحيل إلى ذاك السكونالذي يسبق كل عاصفة
كيف ذلك ..فلنرى
((أرتجف كفردوس ٍأخّاذٍ
خلّفه القطرُ بليلا))
هنا يقدم الكاتب نسقاً نمطياً /بارداً /سكونياً..
هو لم يجتهد عليه لغوياً أودلالياً لم يحضر لنا إلا مانراه وندركه وله معادل موضوعي نمطي لدينا /كلامٌ اعتيادي
فردوس أخاذ /خلفه القطر = بليلاً ..
هذا التشكيل النمطي الساكن يحيله الكاتب إلى نفسه /أرتجف.. وهو بمثابة الطعماللغوي يلقيه الشاعر لنا لنشعر بأنه ينتمي هو أيضاً إلى نمطيتنا((جميعنا نتشابه في السكون)) هذا السكون الذي لولاه لاقيمةلكلمة زوبعة /عاصفة = عودة إلى العنوان ..
تتابع الأنساق بصبغة تأملية /سكونيةوذلك من خلال تساؤلات تشبه المنولوج الداخلي
وهي بمثاية التحفيز /الإحتقان الذيسيصل بالنص إلى مرحلة
((أنقاد إلى العاصفة))...
هذه التأملات نراها في
: من هذا الضاحكُ فيكِ / أيعرفكِ اللهبُ..؟ / ولهذا لا أتقن أن أسم الإنسانَ / لا أعرف كيف أمد على اللغة فِرَاشي
ويعود ليسأل عن الفردوسالأخاذ من خلال تساؤلات تريد إجابة لكسر السكون والنمط فيقول / بأي خريف أستنجد..؟ / ونبيّ الأمطار تقطع في حزن الشرفات ..
فبحضور الخريف لن يعود الفردوس أخاذاً = كسر السكونية
ونبي الأمطارتقطع = لن يعود الفردوس بليلاً ..
وبهذه التسؤلات التأملية يستمر التحفيزوالاحتقان الدلالي بتصاعدية لها عتبتين
العتبة الأولى/ هل مات الموتى..؟
تَطلُعنَ خلاخيلَ منالماء
فأفصد عينيّ
((مات الموتى)) ..النائم كالميت / الموتى=النائمون
والحديث النبوي يقول ((الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا )) / مات = انتبه
تنزاح الدلالة لعبارة (هل مات الموتى ) إلى (انتبه النائمون )
وهي الدعوة لينتبه الجميع فالعاصفةتوشك أن تبدأ
((فأفصد عيني )) ..هنا يريد الكاتب أنيعطل حواسه لايريد أن يرى
( خلاخيل الماء) فالفردوس بليلٌ .. هو لايرد النمطية والسكون
إنه سيهرب منها أوسيفضحها ..
العتبة الثانية/ أجراسٌ تنذر بالخسف
ويأس هزليٌّ
أشباه أخرى...
يدق هنا ناقوس الخطر المنبئ عن الزوبعة /العاصفة
(تنذر بالخسف)=الخسف /الزلزلة /تحرك الثابت المستقر /الأرض ..
هذه المرحلة الأولى من بنائيةالنص نلاحظ أنها تصب في الحوض
الدلالي للعنوان وتخدم إشاراته إذ لابد لكل عاصفة من هدوء يسبقها فالسكون يسبق العاصفة/الزوبعة
والملاحظ أن الإيقاع الخارجي /الموسيقى ذو سمة تصاعدية هادئة وذلك بحساب عددالتفعيلاتإلا أن النص
يسحبنا بتصاعدية بارعة الدلالات والروابط ليزج بنا في المرحلةالتالية إلى قلب العاصفة/الزوبعة
..
ملاحظة (( يمكن الحديث طويلاً عن بنائية المرحلة الأولى ولكنه غيضمن فيض))
"يتبع"