"
إن هذا التضرع الذي يستدير حول الكون بجناح الراء المخنوق ساكنها الوضعي عند الصدر، وبين الراء الممدودة في العجز على طول جراح الشاعر.. إنه السفر الذي يغربل الجهات، ويعود أدراجه إلى داخل الذات محملا بجرابٍ تفيض منه فتنة الوجع.
هكذا يجب علينا أن نفعل يا خالد.. أن نشعر بلذة الفجيعة كما أسلفت لكم، وعلينا أن نتسامح مع المآذن المشبوهة كما نحن متسامحون منذ الأبد وقانعون بالعراء مأوىً وسكنى.
إنك في هذا النص تعطي فكرة النضج الوجودي، وتجترّ أثر المكان قبل أن تبدأ بتدوين تاريخه. حتى أنك حين تدخل أسوارك المكانية تشير إلى أن العالم قرية، وهذه المقولة تحيل ـ في حقيقة الأمر ـ مخلوقاتك البيتيّة إلى ما يزيد عن عدد سكان العالم الخارجي، وذلك حين نقيس وجع الحصير بعرض السموات، ونحسب ألم القصيدة بأوجاع يسوعنا المصلوب فوق التل.
لا تنسَ يا خالد: إن الحضارة فاشلة حين تسرق عن شرفة البصر نعمة تأمل النجوم!
لذلك سنظل نحن وحدنا الذين نتغنى بالنكسات للشجر، وننكس مسمعها اأحايين كثيرة إلى صراخنا المكسور، كي لا تتجنب الأشجار صدأ أناشيدنا المقتولة..
حتماً سنفعل ذلك دوماً يم أن صُمّت الأشجار، وغادرتها العصافير لأجلنا!!
في هذا النص يا خالد.. سيبتسم لك القدس الحزين، وتنفض غرة صفر معطف رطبها عن باحة البيت، ولن تبتاع مضر بعد اليوم تمرتها للإمارة. لقد تساوت داخل هذا النص الأسوار العاجية بشقوق الطين في مآوي الفقراء.
نصك هذا يا خالد.. لا يجب عليه أن يبتعد كثيراً عن الوجع الشخصي، دعه هناك قبل أن تنتقل بمدده إلى قومياتنا المهزومة، واترك للريح شمسنا المضيئة في فضاء الخيبات. لعل القمر يغفوَ في القريب العاجل.. لأن القمر مسروق الأمجاد كما نحن ممرغون زمناً فوق هذه الكذبة!
تحياتي لك