[أحمد صويري]

[poem="font="simplified arabic,5,darkblue,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=1 line=0 align=center use=ex num="0,black""]حتّى الدموع تخون اليوم أجفاني = ما كان أجفاكِ يا عيني وأجفاني

ما عاد في الأرض أطلالٌ ألوذ بها = علّ السماء تواسيني بأقراني

تخونني العين ؟ ليت الله قبّحها = كانت دموعيَ في الأحزان أعواني

تلجلج العمر واشتدّت به غصصي = وزغرد الكفر عن ضعفٍ بإيماني

أراقب الآن ما يهفو به بصري = وفي البصيرة أحبابي وإخواني

يا نفحة الشرق هلاّ زرتِ غربتنا = وحدّثينيَ عن أعتاب جيراني

كم بتُّ ظمآنَ لا سكراً ولاحرَقاً = وإنّما صحوتي في هذْيِ سكرانِ

وحشرجت في فؤادي ألف أمنيةٍ = كالحرّ منطفئاً .. والعبد سجّاني

يا ليتني بعتُ نبض القلب منكفئاً = فالقول والصمت عند العجز سيّانِ

أسير والحزن في الأعماق أضناني = أسيرَ قلبٍ وجمر الشوق يُسقاني

غضيضة الفكر تلهو في الحشا عبثاً = وجيفة الصبر حطّت فوق شرياني

تعدو على الروح والأشلاء بائدةٌ = مريرة المرّ ما مرّت بحسبانِ

يا مالئ الكأس ردّ الكأس موضعها = فأنتَ والكأس عند القلب خصمانِ

حرّك بها الغيرإنّي بتُّ هاجرها = لا تجنِ بالراح ملهوفا على الجاني

علّ التراب غداة البين يُهداني = توسّداً .. وجبين العيش ينساني

أروح أحصي لذرّاتٍ تحاوطني = وأغتدي وعيون الغيد أكفاني

يلمّني الجفن قبراً لا حدود له = ويشكُل الآس حولي بلبل الحانِ

ويعزف الجنّ للأجيال أغنيتي = صدىً يشقّ المدى من غير ألحانِ

كفّي جراحيَ عن نزفٍ تملّكني = حتّى إلى الموت تستهويك أشجاني ؟!

لي بين أهلك يا دنياي أوردةٌ = تزفّ قلبيَ في أعطاف نيسانِ

ذلّلتها أمس حتّى صرتُ فاقدها = وصنتها اليوم حتّى ضاع عنواني

في صفحة الفجر عيناها تلوكاني = وفي الأصيل صليلٌ سحّ شطآني

رمى بيَ العمر ما ضمّت ضمائره = وشفّني الوجد حتّى شتّ بنياني

نديميَ الغدر واللوعات سكرتنا = وحسب سكريَ أنّ الراح ريحاني

تهدهد العمر مرصوفاً به ألمي = ماأضيع العمر إمّا حازه فانِ

تلوح في لجّة الآفاق أشرعتي = فتستقرّ بقاصٍ يطعن الداني

كأنّما الناس ناسي غير أنّهمُ = حلّوا بجرحيَ فارفضّ النزيفانِ

وهكذا نحن حين الدهر يطعننا = نرتصّ للعيش صمّاً بين عميان

لا نعرف الله إلاّ حيث يلعننا = فالعقل واللهو عندالخلق صنوانِ

أفشيتِ يا عين ما واراه كتماني = ما كان أسخاك في الدنيا وأشقاني

ما أضيق الكون للرائين آخره = وأطول العيش ممزوجاً بحرمانِ

كم لملم الصبر أشتاتاً تجمّعني = وخانني البأس في أدراج شيطاني

وصفّق البغيُ في نفسي كأنّ به = ضرباًمن السحر ألقيه .. فيلقاني

لا زارك الصبح يا جدران جمجمتي = بل زادكِ الليل أصداءً بأحزانِ

وبورك الصمّ ما أقوىبلاغتهم = ما أبلغ الصمّ .. ما أصغوا لطغيانِ

يردّني القول مرتدّاً فأردعه = وأجرع العجز إعجازاً بقرآنِ

وأخمد الفكر بالإيحاء متّكئاً = على خناجرَ غُزّت بين أسناني

يا باعث الشمس في اللوحات سخريةً = كأنّ شمسك ضمّت وجه سعدانِ

خذني ألملم من صمتي ومن ألمي = حبالك السود في أعقاب جثماني

ضبابة الحيّ حطّت في لظى كبدي = وبحّة البوح في حبلين لفّاني

وكنتِ يا عين مرساتي ومنطلقي = على ظمايَ وما بلّلتِ أكفاني

الله يامتعة الدنياعبثتِ بما = لاقى الفؤاد من الإنسان والجانِ

تكاد ناصيتي تندسّ في عجزي = يا للرجال وعُريُ الوصف عرّاني

يا عين جاوزتِ حدّ النوح ظالمةً = ماكان أجفاكِ يا عيني وأجفاني[/poem]