الرياض - إيمان القحطاني
رأى مراقب سعودي أن الأسماء الجديدة التي حملتها القائمة الموسعة لأعضاء هيئة كبار العلماء -التي بلغت 21 عضوا بعد أن كانت تشمل 12 عضوا فقط، ضمن التشكيلات الوزارية الجديدة- ستعيد النظر في قرارات كانت اتخذتها الهيئة في فترات ماضية.
وقال الباحث الشرعي فهد الشافي، أنه من المحتمل جدّا أن تكون الخطوة القادمة هي إعادة النظر في قرارات مهمة مثل قضايا تقنين الشريعة والتأمين التجاري "خاصة من الأعضاء الجدد ممن لديه وجهة نظر مختلفة".
وأوضح الشافي في حديث تحليلي لـ"العربية.نت" شمل معلومات تفصيلية عن بعض أعضاء هيئة كبار العلماء الجدد، إضافة إلى دلالات تعيين كل من الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمرتبة وزير الشيخ عبد العزيز بن حميّن الحميّن، ورئيس المجلس الأعلى للقضاء بمرتبة وزير الشيخ د. صالح بن عبدالله بن حميد، ووزيراً للعدل الشيخ د. محمد بن عبد الكريم بن عبدالعزيز العيسى، بعد إعفائه من منصب سابق كنائب رئيس ديوان المظالم.
وأشار الشافي أنه يلحظ على التشكيلة الموسعة، الاحتفاظ بعدة أعضاء من المشائخ القدماء، وأضاف: "فبعضهم موجود في الهيئة منذ تشكيلها عام 1970م، كـ"اللحيدان" و"بن غديان" وأعضاء آخرين، وهؤلاء من الرجال الذين أمضوا مدة في خدمة الدولة، فأنت بذلك تستعين بالخبرة والحيوية، وهذا أمر مهم للغاية، وأيضا تنوع التخصصات، فالأعضاء الجدد أكثرهم يحمل مؤهلات علمية عالية، وهم أيضا خريجو جامعات إسلامية كالأزهر والزيتونة، وهؤلاء نحتاجهم للانفتاح على المذاهب الإسلامية الأخرى، كما يوسع دائرة الاجتهاد التي نستعين بها لحل مآزق التشريع في السعودية".
وأجرى العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز -السبت 14-2-2009- تعديلا وزاريا واسعا شهد دخول امرأة للحكومة للمرة الأولى، كما أجرى تغييرات على رأس هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وفي قطاع القضاء.
تنوع علمي ومذهبي
وقال الشافي: إن أحد الأعضاء الجدد في هيئة كبار العلماء -وهو الشيخ د. قيس آل الشيخ مبارك- وينتمي إلى عائلة "آل مبارك" الأحسائية الكبيرة، وهي عائلة علمية مالكية المذهب، مشيرا إلى أن "آل مبارك" يعمل في جامعة الملك فيصل بالأحساء، وهو فقيه مالكي حاصل على شهادة الدكتوراه من جامعة الزيتونة في تونس، كما أنه لديه عديد من الدراسات والمؤلفات العلمية.
وأضف: "آل مبارك هي عائلة مالكية عريقة، توارث أبناؤها القضاء، ولديهم مدرسة للفقه المالكي يديرونها، كما أن منطقة الأحساء عرفت تاريخيا بضمها للمذاهب الفقهية الأربعة".
وقال الشافي: إن "آل مبارك" رجل فاعل في النشاط العام ولديه مشاركات عدة "كما تقلد عدد من عائلة مبارك منصب القضاء في أبو ظبي، بوصفها مالكية المذهب، وكان آخرهم الشيخ العلامة أحمد المبارك رحمه الله تعالى".
أما العضو الجديد الشيخ د. محمد بن محمد المختار محمد، فهو من مشائخ المدينة المنورة، وترجع عائلته إلى أصول شنقيطية وهي من العائلات المالكية، بحسب ما يقوله الشافي.
ومن الأعضاء الجدد أيضا الشيخ د. يعقوب بن عبد الوهاب بن يوسف الباحسين، وقال الشافي: "هو عالم كبير متخصص في أصول الفقه، وهو من مواليد الزبير، وتخرج في جامعة بغداد، وتخصص في الشريعة والقانون، كما حصل على الدكتوراه من جامعة الأزهر في أصول الفقه".
وأوضح الشافي أن الباحسين يعد من علماء السعودية البارزين في أصول الفقه، وتتميز منطقته التي يرجع إليها بالتنوع المذهبي، وأضاف: "هو قامة علمية ومشارك فعال في المناشط الثقافية، كما أنه متابع للجديد، وقد ألقى محاضرة قبل عام عن حديث الشيخ راشد المبارك في قضية تجديد أصول الفقه".
أما فيما يخص العضو الجديد الشيخ د. عبدالكريم بن عبدالله بن عبد الرحمن الخضير، فقال الشافي: إنه أستاذ جامعي متخصص في الحديث، ويعد من طلبة العلم الكبار في السعودية، كما أنه يحظى باحترام كبير داخل أوساط طلبة العلم، ويعد أحد العلماء المراجع في علم الحديث والتأليف في السنة النبوية، وهو من مواليد بريدة، ويعد "نموذجا لـ المشائخ الذين جمعوا بين طلب العلم التقليدي وأيضا الدراسة الحديثة".
"الحميّن" ذو الخلفية القضائية
وأوضح الشافي أن تعيين الشيخ عبد العزيز بن حميّن الحميّن رئيسا عاما لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر -بمرتبة وزير- "يحمل دلالات مهمة" حيث إنه يأتي من خلفية قضائية "فقد تولى مناصب مهمة في السلك القضائي، وعمل في الديوان الملكي مستشارا، ما يدل على الثقة الملكية فيه، وأنه من الرجال الذين يحسنون سبر الأمور"، ورأى الشافي أن تعيينه مرتبط أيضا بالتجاوزات التي حدثت مؤخرا من بعض أفراد الجهاز، مما لا يسمح نظام الهيئة لهم بها.
وقال الشافي: "أكد الحميّن في تصريحاته الأولية التي أطلقها عبر قناة العربية على احترام حقوق الناس وبأن جهاز الهيئة له صفة معينة ويلتزم بأنظمة الدولة".
وأشار الشافي أن ذلك مما يدلل على خلفيته القضائية "فمهمة القضاء الأساسية الحفاظ على حقوق الناس واحترام قضاياهم والإتيان برجل من هذه الخلفية؛ لا شك أنه سيضع نصب عينه حقوق الناس والحفاظ على هذا الجهاز وتطويره. وأعتقد أنه بخبرته وعلاقته سيقوم بذلك".
إصلاح جهاز القضاء
وعن وزير العدل الجديد الشيخ د. محمد بن عبد الكريم العيسى، قال الشافي: إنه "فقيه" وكان ضمن أعضاء اللجنة المكلفة من قبل الملك لتقديم مشورات ورؤى فيما يخص إصلاح الجهاز القضائي، مضيفا: "وقد شغل منصب نائب رئيس ديوان المظالم في التشكيل الأخير لديوان المظالم، وهو رجل -من خلال مقابلاته ومحاضراته- يتضح انفتاحه ورغبته في إحداث نقلة نوعية في جهاز القضاء السعودي، ما يتماشى مع رغبة الملك عبد الله بن عبد العزيز من خلال الأنظمة التي أطلقها لإصلاح القضاء".
ويرى الشافي أن تعيينه وزيرا للعدل إضافة إلى تعيين الشيخ د. صالح بن عبدالله بن حميد رئيسا لـ المجلس الأعلى للقضاء بمرتبة وزير، سيشكل تناغما بين الرجلين، ما يتيح الفرصة لتحويل رؤية الملك إلى واقع منجز حقيقي.