مـتى أعـود؟
جيوش القهر تخنقني، طردت من بيتي ووطني، عرفت الذل والغدر، وافترشت وسادة
الشوك، شممت السمّ عن قرب، رميت الحرف ، خنقت الدمع ومازلت لا أدري، لمَ احترق
بيدي القلم، كلماتي ابتلعها السطر، وسطوري أغرقها الحزن، وصفحاتي انتابها الضجر،
غريب أيها القدر، أرى القمر يواسيني، وتلك النجمة تعزيني، ونفسي بالسواد تشجيني،
لن أعود مهما قدموا لي من وعود، وكيف أعود وبأذني أعاصير غضبي ؟ كيف أعود
وبعيني قيود صدقي؟ لن أعود فقد شلّت بالأمس يدي، لن أعود فقد انفطر بالأسى
قلبي، لن أعود فقد طويت أزهار أملي، لن أعود فقد حفرت لوحة قبري، لن أعود والمكر
في وطني، لن أعود والغدر في أرضي، لم أزرع عداوة خلود، ولم أحرث خبث أو جحود،
لم أنجب شجرة تلمود، سحابة لا بد أن تمشي، سأنتظر شروق شمسي، وأثبت عزتي
وكرمي، سأمزق جدار صمتي، وأبني براعم صبري، أنا لا أشكي ، أنا لا أبكي ، فقط
أعصر ألمي، ربما يجف غيمي، حتى أعود لمسكني، ويهنأ لي موطني، ويطيب عيشي
بمكتبي، بين سطوري ومغزلي، لأنسج خيمة ظلي، وأخيط ثقوب حرفي، و ألجم نهيق
عدوي، قريباً يغرد قلمي، قريباً يزول ألمي، قريباً ينمو أملي، ولكن متى أعود؟
رغده عيد
1997م