معدل تقييم المستوى: 17
الشعر العمودي والتفعيلة و الآخـَر !
إكتشفت شيء جديد أنّ هناك صلة بين أبعاد و إبداع لعبة الأحرف تُقرّبك من الجواب .. ........ إليكم وجهة نظري التي حيكت في محيط رأسي ذات سؤال: ... شعر التفعيلة في الأدب العربي قيل أنّه ولد في عام 1946 على يد نازك الملائكة وقيل أنّ بدايته الفعلية بعد ذلك بعام على يد بدر شاكر السياب ، فمن المعروف أن شعر التفعيلة ولد في أرض العراق . وكعادة البشر في جميع مجالات حياتهم دائماً يتطلّعون إلى ما هو جديد ، فأغلب الكائنات البشرية يسكن عقلها تساؤل هو: ما الذي يختبأ خلف قرص الشمس ..؟ هذا السؤال الكبير يستحثّهم دون ما شعور على السعي إلى الأمام لإزاحة الستار عن وجه الشمس وتحسسها هل هي حقاً من لهب ، وعليه فمن المنطقي والطبيعي أن يكون الأديب وبالتالي الأدب ، هما الأكبر حظاً عن جميع المجالات الأخرى الحياتيّة ، لما عُرِفَ عن المشتغلين في هذا المجال والمهتمّين به أقول عُرِفَ عنهم أنّهم ذووا أرواح متمرّدة على ما هو يومي وسردي ، حسناً العرب يتميّزون وينفردون عن جميع البشر في ثقافاتهم ولغاتهم ينفردون بالشعر العمودي المحكوم بالأوزان والرويّ الثابتة . فالأديب العربي عندما زاد احتكاكه بالعالم الخارجي وقلّ الإنتماء إلى الجذور الأصلية ، وذلك كما هو معلوم نتيجة الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية في هذا العالم ، وتحالف ذلك مع طبيعة البشر المتجهة نوح التغيير ، نتيجة لذلك وبعد اطلاع الكثير من الأدباء وإنبهارهم في بعض من الأساليب الجديدة الأدبية كالرواية مثلاً و كموضوعنا شعر التفعيلة الذي هو محاكاة للشعر عند الأمم الأخرى مع تقنينه بالتفعيلة ، أقول حاولوا محاكات هذه الأنواع أو الأساليب ، فنتج عن ذلك أمر حقيقةً لم يكن ذا نوعيّة أو بمعنى آخر لم يكن ذا صلاحية في ثقافتنا أقصد بذلك المواضيع والأفكار والتراكيب التي طرحت من خلال تلك الأساليب فالكثير أصبح وكأنه بشكل أو بآخر مترجم للفكر الغربي . حسناً شعر التفعيلة سمي كذلك نسبة إلى التفعيلة ، باعتبارها وحدة إيقاعية أو موسيقية من وحدات عروض الشعر العربي كما هو معلوم ، وهو عبارة عن أن يستخدم الشاعر في القصيدة الواحدة أكثر من بحر وموسيقى مربوطة بأكثر من روي متناسق فهي بالنهاية تحكمها أوزان ، إضافة إلى ذلك هناك مسمّيات كثيرةً ظهرت لهذا المولود الجديد ، وبطبيعة الحال ولما هو معروف عن النوع العربي من حبّ عدم الاتفاق وحقيقة هو ليس بالأمر السيء لأن عدم الإتفاق إن ربط بعقليات واعية سوف ينتج مساحة أكبر من الخيارات والإبداع ولكنّه إن ربط بعقليات مسطّحة سيصبح مزايدة ، أعود بالقول لذا ظهرت الكثير من المسميات لذلك الوليد منها: النثر ، الشعر الحر ، شعر الحداثة ، شعر التفعيلة .. وهكذا . وعليه وهنا يكمن الخلط وحقيقة هو ليس خلط بقدر أنّه هروب لأن شعر التفعيلة والشعر العودي يحتاج إبداع أكثر لكتابته حيث يحكم المعنى قواعد وزنية موسيقية ، ونوعية من الروي . لذلك لجأ البعض بإطلاق مسمى النثر ، و شعر الحداثة ، و الشعر الحر - والاسم الأخير حقيقةً ومن وجهة نظري لا أفضله على الإطلاق وهو عين الهروب - ، أعود وأقول لجأ البعض إلى إطلاق هذه المسميات للهروب أو لخلق نوع جديد من الشعر ويقول الكثير ممن أشتهر بهذا النوع أنه يسمح للكاتب بالإنطلاق في سماء الإبداع دون ما قيود ، وفي حقيقة الأمر أقول إن كان كاتب النص هذا يريد الإنطلاق دون ما حدود أمامه الكثير من الفنون التي لا تحكمه بموسيقى معيّنة و روي كالقصة والرواية وغيرها ، ولكن الكثير يعشق مسمى شاعر مع العلم أن الجميع يمكن إطلاق عليه إسم شاعر حتى من لم يكتب الشعر يوماً لأن الجميع لديه شعور وحس فهو شاعر بأمرٍ ما . ونتيجة لذلك الخلط الذي من وجهة نظري أثّر وبشكل واضح وسلبي على الجميل والبديع من شعر التفعيلة ، النتيجة أنه أتى رد فعل الكثير من المنتمين إلى الوسط الأدبي أن مقتوا هذا النوع برمّته وجعلوا النثر والشعر الحر التي تصل في كتابتها عند البعض حد كما يقال باللهجة الدارجة ( السوالف ) ، جعلوه هو سبباً لمقتهم ذلك النوع الراقي المسمى بشعر التفعيلة - وفي إعتقادي هو المسمى الصحيح والواجب إطلاقه على هذا النوع -. أمثلة الشعر الحر أو النثر الأبرز هنا في هذا النوع من الكلام هو ما يسمى "بأدونيس" (على أحمد سعيد) الذي للأسف أساء الكثير والكثير للشعر تمنيت لو كنت أعرفه شخصياً لوصّيته بالإتجاه إلى الرواية أو القصة ، وأعتقد أدونيس لو إتجه للقصة لأبدع كثيراً فيها عن أي مجال آخر لأنه ليس له علاقة بالشعر قطعياً وتلك وجهة نظري الشخصية طبعاً ، وكما أنه لن يستطيع كتابة الرواية لأنها تحتاج نفس طويل وتراكم فكري ، فالقصة هي مجاله الطبيعي ، ولكن للأسف فقدت نصيحتي يا أدونيس ، وحقيقةً أخطئت خطأ كبير وجسيم ذات يومٍ فضولي يتجاوز حدوثه الثلاث سنوات ولن أنسى حسرته ، قرّرت أن اشتري ديواناً من دواوين أدونيس فذهبت إلى المكتبة وأطّلعت هكذا على ديوان "أول الجسد آخر البحر" فشتريته وخرجت مسرعاً لقراءته وحقيقة وللأسف إكتشفت أنني ارتكبت حماقة حيث أنّي لم أشتري ديواناً شعرياً بل إشتريت مجموعة من أحاديث نفس أو شيء من هذا القبيل ، على سبيل المثال يقول أدونيس: خَرَجَ الوردُ منْ حوضِه لملاقاتها، كانتِ الشمسُ عُريانةً في الخريفِ، سِوَى خَيْطِ غيمٍ على خَصْرِها. هكذا يُولَدُ الحبُّ في القريةِ التي جئتُ مِنْها. لست أدري ولكن هو يعتبر الناشط الأكبر في حقل الشعر الحر أو النثر أو شعر الحداثة وهناك الكثير من الكتّاب في هذا المجال على امتداد البلدان العربية . شعر التفعيلة الذي من أبرز الكتّاب في هذا الحقل هو بدر شاكر السياب والشاعر محمود درويش ولنزار قباني العديد من الخوض في هذا المجال الذين حقيقة ومن خلال تاريخهم تجدهم قد كتبوا الشعر العمودي بشكله الطبيعي ولكن إنطلقوا من خلاله فقط للتجديد في مجال شعر التفعيلة ومن أمثلة بدر شاكر السياب في قصيدته "اللقاء الأخير" يقول : والتف حولك ساعداي ومال جيدك في اشتهاء كالزهرة الوسني فما أحسست إلا والشفاة فوق الشفاة وللمساء عطر يضوع فتسكرين به وأسكر من شذاه في الجيد والفم والذراع فأغيب في أفق بعيد مثلما ذاب الشراع في أرجوان الشاطيء النائي وأوغل في مداه عندما تقرأ هذا النص أو ما يشابهه تجده متماسك مع بعضه البعض أقصد من خلال الموسيقى والروي وعليه فهو شعر لأن الشعر الحقيقي يعرّفه البعض أنه: " التعبير عن شعور أو وصف حالة في قالب موسيقي" . حسناً هنا وجد القالب الموسيقي بوضوح . ويقول صديقي محمود درويش : أحنُّ إلى خبزِ أمّي وقهوةِ أمّي ولمسةِ أمّي وتكبرُ فيَّ الطفولةُ يوماً على صدرِ يومِ وأعشقُ عمري لأنّي إذا متُّ أخجلُ من دمعِ أمّي وفي مثال آخر لشعراء التفعيلة الحقّة يقول نزار قباني : صباحُ الخيرِ يا حلوه.. صباحُ الخيرِ يا قدّيستي الحلوه مضى عامانِ يا أمّي على الولدِ الذي أبحر برحلتهِ الخرافيّه وخبّأَ في حقائبهِ صباحَ بلادهِ الأخضر وأنجمَها، وأنهُرها، وكلَّ شقيقها الأحمر وخبّأ في ملابسهِ طرابيناً منَ النعناعِ والزعتر حسناً وفي ختام حديثي هذا أجد أنه من الضروري أن أبدي هذا السؤال هنا : هل من الصحيح أنه عندما يطغى نوع سيء على النوع الحسن أن نرفض الجميع برمّته ، أم أن نبيّن هذه الأنواع ونميز الصحيح من المخطأ ، أم أن نجعلها للقارئ هو الذي يحدد أين الحسن من القبيح ؟ ...... شكراً لأعينكم التي صبرت على أشعة أجهزتكم حتى نهاية آخر حرف
[POEM="font="Simplified Arabic,3,black,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black""]كن بلسماً إن صار دهرك أرقما=وحلاوة إن صار غيرك علقما إن الحياة حبتك كلَّ كنوزها=لا تبخلنَّ على الحياة ببعض ما .. أحسنْ وإن لم تجزَ حتى بالثنا=أيَّ الجزاء الغيثُ يبغي إن همى ؟ مَنْ ذا يكافئُ زهرةً فواحةً ؟=أو من يثيبُ البلبل المترنما ؟[/POEM]