بتلك القرية المتقزمة كانت الحرارة تهبط لما دون الصفر قبيل الفجر..
أسير بخطى من نعاس .. وثياب تزيدني صقيعاً كلما لامست جسدي ..
الهدف .. كان الماء .. لـ أتوضأ استعداداً للصلاة ..
بالعرف البدوي يمثلان التهاون بالصلاة .. والتدخين خسفاً أخلاقياً مهلكاً ..
تمسك يدي الصغيرة بذلك الصنبور المعدني العتيق ..
ينسكب الماء بتردد .. تخترقه أصابعي لـ تتأكد أنه يجري على مايرام ..
تشرع المعاناة لي أبوابها ..
أذكر تماماً كيف كانت ارتجافات يدي ترغم الماء على التطاير
بوجه الميضأة المخلوقة من الإسمنت ..
أكمل طقوس الوضوء .. أمسح وجهي الصغير بـ الجاف من ثوبي ..
يتسرب الإيمان الفطري ليسكنني دفء مايلبث إلا أن يتلاشى
مع أول نفحة هواء قارسة .. تقرع قدماي الأرض الباردة متجهاً لذلك المسجد الطيني
والذي لايبعد كثيراً عن البيت ..
الله أكبر .. صوت والدي الغائر بالسكينة معلناً بدء الصلاة
أرفع ذراعاي .. أتمتم بشئ من التثاؤب : الله أكبر ..
- الحمد لله رب العالمين الر..... -
فجأه .. يميل رأسي يميناً لأغط بنوم لذيذ ..
يلكزني أخي - عليه اللعنه - بعد أن ركع ..
كالمفزوع أنتفض .. أحدث نفسي :
هماهم يقولون لانمت نقض وضوءك ..!
ورى ماأذلف أنخمد .. ويحلها ربك لاقمت
- سمع الله لمن حمده .. الله أكبر-
يخرس أبي هواجسي بصوته مره أخرى ..
أقذف نفسي للأرض ساجداً ..
يتكرر المشهد بالركعة الثانية ..
السلام عليكم ورحمة الله
ينهي إمامنا المؤمن تلك الصلاة المكونة من 3 أشخاص
ماأن التفتُ يساراً حتى هممت بالقفز ..
ليصرخ بي أبي :
فيصل .. أقعد .. سبحن .. واستغفر .. لاحق على النوم ..
أرفع صوتي مذعناً :
اس س س ..!