منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - محمود درويش شيوعي إسرائيلي وعلماني فلسطيني!
عرض مشاركة واحدة
قديم 08-15-2008, 12:43 AM   #53
د. منال عبدالرحمن
( كاتبة )

افتراضي


أستاذ حسين ,



أهلاً بكَ في المقال ,



قرأتُ كلَّ الردود هُنا , و قرأتُ وجهةَ نظركَ و أظنّني أحطتُ بها أو بجانبٍ لا بأسِ به منها ,



أنتَ تُخاطبُ هُنا , أو في الجريدةِ مجموعةَ مثقّفينَ و قرّاءَ واعين , حيثُ أنّكَ توردُ أمثلةً من المجازاتِ الّتي استخدمها درويش و هي من الادبِ الحديث السّهل الممتنع , و تسألُ عن مشروعيّةِ الاستعاراتِ الأدبيّة و تتحدّثُ عن الايديولوجيات الفكريّة و المدارسِ و المذاهبِ و التوجهّات , أقولُ كلّ هذا , لنفترضَ سويةً إلى أنّ حديثكَ هذا موجّهٌ لمجموعةٍ مثقّفةٍ , و من هُنا أنطلق ,



أخي الكريم , في بلادِ الشّام – حيثُ تربيّت – تختلطُ الدّياناتُ , نحنُ تربيّنا مع النّصارى , كانوا أصدقائنا في المدارس و على المقاعدِ الصّغيرة لم نفترقَ عنهم إلا في حصصِ الدّين لعبنا معهم مع أطفالِ الحيّ , هم عربٌ مثلنا تماماً ,



عندما هاجمَ الصّليبيونَ القدس , دافعوا عنها – ضدّ أبناءِ دينهم – بكلِّ وفاءٍ و كانوا صفّاً واحداً مع المسلمين ,


و في دمشقَ أيّامَ الاستعمارِ الفرنسيّ , قاتلَ النّصارى جنباً إلى جنب مع المسلمين و هناكَ أمثلةٌ كثيرةٌ , حيثُ قامَ المجاهدونَ بافتداءِ بعضهم البعض , بغضِّ النّظرِ عن دينهم , أقولُ هذا لأنوّهَ أنّ النّصارى و – اليهود إلى حدٍّ ما – هم جزءٌ من ثقافةِ بلادِ الشّام الاجتماعيّة , و نحنُ كمسلمين متسامحون مع الاديانِ الأخرى و لا نعاديهم , بل نحترمهم و نقدّسُ أنبياءهم و نطلبُ لهم من اللّه السّلام .



و بغضِّ النّظرِ عن التّفاصيلِ الصّغيرةِ الكبيرةِ الّتي قد ترفضها ثوابتنا الدّينية في أديانهم , إلّا أنّهم ليسوا أعدائنا ..



و لكي أدخلَ في المهمّ , فإنّ استخدام محمود درويش للمصطلحات الدّينية المختلفة , أمرٌ منطقيّ , فالشّاعرُ يتأثّرُ ببيئتهِ و ما حولّهُ – مُجبراً - .



و عَوداً على بدء , فإنّ شعوركَ بثورةِ البعضِ و محاولةِ تعظيمهم لدرويش بعدَ وفاته و خوفكَ على النّاسِ و محاولتَكَ " كشف" ما تراهُ مهمّاً للنّاس , كي يعلموا حقيقةَ هذا الرّجل , غيرُ مبرّر , لأنّ من يقرأ محمود درويش , قادرٌ تماماً على أن يفهمَ غرضهُ الشّعري و السّياسيّ و الاجتماعيّ , و تأثيرهُ – أيّاً كان – على القارئ , مرتبطٌ فقط بثقافةِ هذا القارئ , لا بشعرِ الدّرويش .

لا أؤيّدُ هُنا مسَّ الذّاتِ الإلهيّة بحالٍ من الأحوال , و لكنّي أقول أنّ الأدبَ شيءٌ غيرُ ماديّ , غير محسوس , يمكننا بعقلنا المجرّب , المتمرّن أن نأخذَ منهُ ما نريد و ما يُناسبنا و نتركَ الآخر , لأنّنا ندركُ أنّ ديننا ثابتٌ فينا و مكتمل .


النّقطة الأخرى الّتي أودُّ الحديثَ عنها , مسألة الشّعر الحديث و الشّعر العالمي و انطلاقة الشّعر العربي لمجاراته – و الأدب بشكل عام - , و استخدام التّعابير " الغربيّة " أو ما يُطلق عليه الحداثة , هذا الأمر يُنصفُ الأدبَ العربي , يُنصفُ اللّغةَ الّتي تعاني كثيراً من العللِ و الأمراض ,



الّتي تعاني من اللّهجاتِ الكثيرة , و الأدبِ الجديدِ العاميّ _ و ليسَ انتقاصاً من الشّعر الشّعبي – إلّا أنّهُ لا يقدّمُ شيئاً لهذهِ اللّغة , اللّغة العربيّة الفصحى و لغة القرآن , عروبتنا !



افتح صفحات المنتديات و الجرائد و المجلّات , و الاذاعات , الأخطاء اللغوية المرتكبة , لا شفيعَ لها , اذن ليكفي درويش و من مثله شَرّفاً أنّهم أنصفوا اللّغة ,



يا أخي , اقرأ هذا الدّرويش أدباً و و اترك تلكَ الأفكار الّتي لا تناسبك , نحنُ نفعلُ هذا مع الأدب العالمي , من منّا لم يقرأ لغوتّه أو شيلر أو نيتشه أو شكسبير أو ماركيز أو لوركا , و استمتعنا بأدبهم الجميل , و تركنا أفكارهم الغريبة عنّا .. لنقرأ الادب لأنّه أدبٌ فقط , و لنترك تلكَ الأفكار الّتي أسميتها " بالمسمومة " , أو لنتركَهُ و لا نقرأُ لهُ , و لن ينقصَ ذلكَ شيئاً من أدبهِ و لا من فكرنا .



ما الضّيرُ في ترجمةِ الشّعر العربي و ما الضّيرُ أن يكونَ هذا الرّجلُ سفيراً للغتنا , لأدبنا , لثقافتنا و قوّةِ و حصافةِ فكرنا عند الغرب , حيثُ العربُ لا زالوا – في نظرهم – بيتاً من الشَّعر – بفتح الشّين – و أغناماً و عصا و رجلاً تقودهُ نزواته و امرأةٌ تُجيدُ التّبعيّة و الموت , حيثُ يرفعوا دهشتَهم عالياً إذا رأوا عربيّاً يستخدم الكومبيوتر , أو عالماً يكتشفُ شيئاً ما أو امرأةً تقودُ سيّارة !



دعهم يعلموا , أنّ الاسلامَ لا يخنقنا و هو يفتحنا على العالم لأنّهُ قادرٌ على أن يحفظنا !



ليكن درويشُ علمانيّاً أو شيوعيّاً , و لا بأسَ أن يحملَ الجنسيّة الاسرائيليّة – و أقولها بغصّة – , يكفي أنّهُ قدّمَ هذهِ اللّغةَ للعالمِ بشكلها الجميل .



كنتُ سأسألكَ عن توقيتِ هذا الموضوع , لم أسألك و قرأتُ اجابتك , و لكنّي أجدُ أنّ طريقةَ طرحكَ لوجهةِ نظركَ لم تكن احترافيّة , قرأتُ عن درويشَ شيئاً مُشابها , كان مقالاً جميلاً جدّا و أدبيّاً و احترافيّاً , و كانَ يدورُ عن الشّيءِ ذاته , على شكلِ دراسةٍ نقديّة لما أسماهُ الكاتب ( اليهسلاميّة في ادبِ درويش ) , هكذا اعتدنا على تقبِّل النّقدِ الأدبيّ , حتّى لو كانَ ما تحت المجهر من ثوابتنا الفكريّة الّتي نتشبّثُ بها من بابِ العادةِ فقط ,



قد يحقٌّق هذا الموضوع لك – و أجدُ انّه فعل - ضربةً اعلاميّة , و لكنّها لن تكونَ إلا قصيرةَ الاجلِ , قليلةَ الأثر , لأنّها لم تنمَّ عن تناولٍ موضوعيٍّ و بعينٍ ناقدةٍ لأدبِ درويشَ و أثرِ فكرهِ و توجّهه في استعاراتهِ و بلاغته – و هو ما أكّدت عليه في ردّكَ / تذكيرك الأخير - , أنتَ تناولتَ شخصَهُ بالدّرجةِ الاولى في عنوانك , و تابعتَ ذلكَ في الرّدود , و تمنيّتُ لو التزمتَ أنتَ أوّلاً بما فرضتّهُ .





عُذراً على الإطالة , و تحيّةً طيّبة .

 

التوقيع

و للحريّةِ الحمراءِ بابٌ
بكلِّ يدٍ مضرّجةٍ يُدَقُّ


التعديل الأخير تم بواسطة د. منال عبدالرحمن ; 08-15-2008 الساعة 12:53 AM.

د. منال عبدالرحمن غير متصل