:
من الأعلى كان يبدو الوطنُ كاملاً , كنتُ أراهُ للمرّةِ الأولى واحداً , قطعةً متكاملَةً تختلطُ فيها جميعُ الألوان , و لكنّها واحدة بكلّ تناقضاتها ..
نحنُ نرى الوطنَ دائماً مقسّماً , نراهُ بعينِ الرّضا , ماردَ حنينٍ عملاقٍ في داخلنا , يهبُّ كلّما اقتربَ أحدٌ منهُ بحرفٍ , و يتسلّقُ شجرةَ الفاصولياء ليبني لكبرياءنا بيتاً فوقَ الغيم ,
و نراهُ بعينِ السّخطِ , رغبةً بالهروبِ الغاضب , طفلاً خائفاً مذعوراً يُسارعُ لاقتطاعِ الشّجرة , فتنهارُ أحلامنا فوقَ الغيم .. و تسقط !
من الأعلى , تستطيعُ أن تشعرَ للمرّةِ الاولى أنَّ وطنكَ يُمكنُ أن يكونَ بالأبيضِ و الأسودِ معاً و تشعرُ أنّه مثلكَ , تملؤهُ الأفراح و الأحزان , و يغلبُه الشّرُّ حيناً , تماماً كما يفعلُ الخير ..
من الأعلى تستطيعُ أن تدركَ أنّه يحتضنكَ بأكملك , و يزرعُ فيكَ طفولتَكَ و أحلامَكَ و ذاكرتَكَ الأولى ..