وتَمضي الحياةُ
كأنّي نبيٌ، أبى أنْ يَكونَ رَسولَ سَلامْ ..!
كأنّي روايةُ زيفٍ تجلَّتْ
على طَرفِ الغَيبِ قِبلةَ همٍ بِطُرفٍ جِسامْ ..!
لَعلَّ الأَماني تُناغِي الدُّموعَ.. - لعلَّ- ؟
لَعَلّ الدُّموعَ تُجانِبُها والكُفوفُ لِئامْ .!.
أنا لَسْتُ إلا رَحيقاً كَئيباً،
وَتباً لِهذِي الْكآبةِ تَباً إذا شَهْدُها ما تَدَلَّى
مِنَ الأُفْقِ، مِنْ سابحاتِ الْغَمامْ ..!
وَتَمْضي الْحَياةُ أنا رَبُّ بُؤسٍ، وَأُهْدِي لِيأْسي
عَصافيرَ أُخْرِجُها من قُبورٍ، وَحَوْلي تَثورُ بـ هَيئةِ حُورٍ
وَحَولي تثورْ..!
وَتمْضي الْحياةُ،
أنا -رَبُّ شِعْرٍ- أَسَرْتُ العَذارى بِحَرْفٍ كَئيبٍ
هَزيلٍ عَليلٍ،
ولَكِنَّ قَلْبي يَتُوقُ لِرُؤْيَةِ عَذْرا بِعِفَّةِ مَرْيمَ
كَيْ يَتهاوى يُقَبِّلُها دونَ أَيِّ اهتمامٍ وَأَيِّ خِصامٍ
ولا أبداً سيُبالي بَمَوضِعِ قانُونِ -كُلِّ العَرَبْ -
-فـ تباً لهم- يَقْتُلونَ الْبَراءَةَ فِينا، يَطُوفُونَ
حَوْلَ حَميمِ رُؤانا، يَقولُون هَيّا احْلَموا
فــ َوَرَبِّ السَّماءِ بِأَني حلَمتُ كَـ أَنَّ شِراعَ الْحَقِيقَةِ
لَنْ يَتهاوى، وَلا بُدَّ آتٍ سَيُبْعَثُ مِثْلَ الْخَلِيقَةِ
يَوْمَ الْوَعَدْ ..!
وتمضي الحياةُ
وَربّي كئيبٌ، أُكَرِّرُ إنِّي كَئِيبٌ
كئيبٌ كَـ حَرْفِي
كَئيبٌ كـ َرُوحِي،
كَـ كُلِّ تَفاصِيلِ عِشْقِي
كَــ لَيْلي، كَـ قُداسِ نَبْضي،
كَــ آهٍ بِلا رَمَقٍ
تَتَغَرْغَرُ بَيْنَ الْمَريءِ وَحُلقُومِ نَفْسِي ...!
كَئيبٌ كَــ يافا، وَمِثْلَ ضُلوعِ تُرابِ الْمَديْنَةِ
مثلَ غُصونِ الطَّريقِ كَئيبٌ ..
كَــ صَمْتِي كَــ أَرْوِقَةِ الذّارِياتِ
أَنا لَسْتُ رُوما... وَلَسْتُ بُراغْ
وَلا كُنتُ يوماً صَليبَ الشَّمُوعِ لِدِفْءِ بِلادِ الضَّبابْ ..!
تَخيَّلْ، وَتَمْضِي الْحَياةُ تَخَيَّلْ
بِدونِ ثَوانٍ، بِدونِ فُصولْ، وَراءَ الْغِيابِ
وَتَمْضِي الْحَياةُ مَخاضَ رُكامْ ..!
(تمت)
وبعدَ الحياةِ
(بـ فَصْلٍ جَديدٍ)
تَوالَدُ فِيهِ الأَغانِي، وَتَلْبَسُ فِيه النَّوارِسُ ثَوْبَ الْبَياضْ
زُجاجاً وَماءً، وَكُلّ شَفَافٍ وَعِطْرٍ أَرِيجْ
-وَتَمْضِي الْحَياةُ-
وَأَبْقى صَريعَ فِراشِ الأَمانِي، طَريحَ جَمالِ الْمَغانِي
وَعَيْني ضِياءٌ وَقَلْبِي ضِياءٌ، وَلا شَيءَ حَوْلِي
سِوى طائراتٌ... وَتَقْصِفُنِي وبِكُلِّ بَشاعَةِ بُغْضٍ
فـ أَسْدُلُ روحي بِكُلِّ سَلامٍ أنامْ ..!
-بِكُلِّ سَلامٍ أنامْ-
وَتَمْضِي الْحَياةْ ..!
م/ي
.
.
.
نوفمبر/2007