عوداً على بدء :: تحدثنا فيما سبق عن وصولنا لبيت زعيم المافيا ( باتمز ) ورويت قصته كاملة وقلت أنه أصر علينا بالإقامة عنده ذلك اليوم ... وبعد :
تجولنا في العاصمه وقمنا ببعض الزيارات الميدانه على العاصمه ومنها توقفنا عند مفتي بلاد الأديغا وحدثنا عن مسلمي تلك المناطق وحالهم ومايعانونه من جهل وتغييب رغم محبتهم لدينهم ورمى علينا كعرب ومسلمين اللوم وحمّلنا أمانة إيصال رسالة عن هذا البلد وأهله ... هنا سقط القلم منّي .. وتوقفت !!
بعدها .. تشاورت وصاحبيَّ بأن نذهب في زيارة خطافيةٍ لبلد غير بعيد يدعى ( قرتشاي)
دوله مجاورة للإديغا صغيرة تقع في الجزء الشرقي منها كما هو موضح بالصوره :
أخذنا سيارة أجرة ,, وكان بصحبتنا الزعيم ( باتمز ) فلما أتينا لنودعه أبا علينا وقال الطريق إلى هناك لايخلو من الأخطار وأنتم ضيوفي ولن أترككم إلا بعد أن أوصلكم إلى هناك .. يعني أنه سيرافقنا إلى تلك البلاد ليوصلنا ثم يرجع !!.. بل ورفظ مجرد النقاش في الموضوع .. وركب معنا في المقدمه 
الدبابات والجيس الروسي يعترض طريقنا
ولما إقتربنا لقرتشاي ... إذا بالجيش الروسي وبالأسلحة الثقيلة والخفيفه أقلها دبابة تقبع على الطريق الموصل لقرتشاي .. واستوقفنا الجيش ونظر الضابط مليِّاَ فس سنحتنا العربية القمحية اللون فعلم أننا وجوه شر عليهم طلب الجوازات وعندها نزل الزعيم
( باتمز) وترجل من السيارة وذهب لأطلق رتبة لديهم .. فأخبروه أننا لانستطيع العبور إلى هذه البلاد رغم جاهزية أوراقنا ؟؟ عند ذلك غضب الزعيم باتمز هذا الرفض وقال لهم هؤلاء ضيوفي ولابد أن يدخلوا شئتم أم أبيتم !! << هذا الزعيم ناوي يخربها >> جاء إلينا بعد أسمعهم ماستحقون من السب والشتم وقال لنا سنذهب قريبا من هنا وسوف تدخلون قرتشاي رغماً عنهم << يعني ناوي يدخلنا غصب >> ولعله أردا الاتصال بأحد المعارف القدماء من شلة المافيا الكرام ... لكننا طلبناه أن يتوقف عن هذا الأمر وقلنا له لم نعد نرغب باالذهاب .. خصوصاً أن أحداث معارك الشيشان وهو بلد ليس ببعيد عن قرتشاي في أوجها بعد أن طلب رأس القائد العربي ( خطاب ) بملايين الدولارات فالعرب هم من أججوا جذوة المعارك هناك وصنعوا الأعاجيب في قروزني !
رجعنا للعاصمة مايكوب .. وبتنا عند الزعيم باتمز .. لنودعه من غدٍ الصباح راحلين عبر البحر لدولة أخرى مجاورة [ أوكرانيا] وقد ملئت تلك الرحلة قلوبنا بمشاعر مختلطه
لا تنسى أبداً
مابعد الرحله [ ابن باز يتفاعل مع الرحله ]
بعد رجوعنا لأرض الوطن جهزت أنا وصاحبي .. تقريراً عن الرحلة يختصر ماشاهدناه هناك لواقع المسلمين ومدى حاجتهم لإبسط الأمور بسطنا فيه الحديث عن مآسي أولئك المسلمين المغيبين عن دينهم .. وأرفقنا به بعض الصور وبعثنا به لمكتب المفتي العام آنذاك سماحة الشيخ " عبدالعزيز بن باز " رحمه الله ... وتفاجئنا بعدها برد يثلج الصدر ويعبر عن مدى تفاني ذلك الرجل في كل مايخص المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها وأنه من الرجال الذين لايكتفون بالحوقلة والتأسي دون عمل يذكر كإحساس بمسؤليته تجاه كل مايصل لمسامعه من أخبار المسلمين هنا وهناك .. فبعث برسالة لنا وصلتنا عن طريق إحدى المؤسسات الخيريه التي يعمل بها صاحبي آنذاك ومما قاله رحمه الله في ذلك الخطاب:
< أنه أطلع على ماكتبه ( محمد الضويحي ) و(سعد .... ) وأنه يشكر هذا المسعى الطيب ونظرا لما لمسه من حاجة المسلمين هناك لعمل دعوي ضروري عليه بعث سماحته / إلى الأمير سلطان بن عبدالعزيز .. بالتقرير الذي كتبناه .. وتبرع سموه بمبلغ مليون ريال .. ينفق في صالح العمل لدعوة المسلمين هناك .. وأرسل سماحته أيضاً لــ رجل الأعمال المعروف .. عبداللطيف الجميح وتبرع كذلك بمبلغ خمسون ألف ريال ...الخ>
الخطاب موجود نسخه منه لدي في مكتبتي بالرياض بمنزل الوالد ولعلي أن أرفق نسخة منه متى ماذهبت هناك ...
وأهم مافي الأمر أن المؤسسة الخيريه قامت بعد ذلك بعمل مشكور تجاه مسلمي تلك المنطقه ولله الحمد والمنه كان لها ثمار طيبه أقلها إبتعاث عدد من شبابهم للدراسة العلم الشرعي في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلاميه خلاف ماقاموا به من كفالة بعض الدعاة وبناء بعض المساجد وحفر الآبار وغيرها وكل ذلك بتوفيق الله ثم بجهد اشيخ ابن باز رحمه الله ووقفته وحماسه مع مابعث من تقرير يحكي واقعاً مؤلماً ...
إنتهت رحلة الأديغا بحلوها ومرها .. وليس فيها بالنسبة لي أي مرارة بل كانت محط إثراء لي عن تلك البلاد الغريبة العحيبه ماوراء الإتحاد السوفيتي بعد أن سقط وخلف الكثير من البلدان والملايين من المسلمين المغيبين عن تأريخهم وتراثهم ودينهم الأصيل ...
لم أكن أظن أنني سأكتب عن تلك الرحلة لولا أنني أحسست بقلوب تتابع حفزتني على الإستمرار وهذا كله راجع لكرمكم ... وأرجوا أن لا أكون أثقلت عليكم بحديثي الممل وعذري أنني أجتهد بحسب ما أملك من طاقه وما أختزل بالذاكره برغم طول العهد عن تلك الرحلة ... وأعدكم بالجديد من الرحلات المثيره ... دمتم بحب
.