(3)
من مقام الغابة
يؤرقني لهاث قصيدة ٍ أفلتَ وزنها من همهماتِ كهونةِ غابة ٍ مجنونة القبرات
وراح يوزع إيقاع ا لريح على أطرافها ويصلبه على مفارقها
فتمنحه الخميلةُ وسامَ وهج ٍ طري الخفق نذرَ خضرة َقميصهِ المفعم بالندى لوجه الصباح
كانت زقزقة الحبر تروّض عاصفة اشتهاء اتٍ تختبئ في صرير قلم مبلل ببراءة انبهارٍ يفتش عن حروف ٍ تمتهن حكمة الصمت وتدثر الفواصل والنقاط بعباءة الارتباك
تتوكأ على عكازة الدهشة
وعندما تنزلق القصيدة على ثلوج ذوّبتها أنثى الفكرة
يسيل الخصب ويُنبتُ كل مبذور ٍ في شغاف القلب
وتأبى مياسمه التشمرخ في أرض لا تستحق لاخضرار..!
وحديقتي توارى عنها الهطول من زمن ٍ
فيا أيها الضباب المغلف بِوَجَلِ الشروق
أَمِطْ اللثام عن سهول دفاتري
فثمة خيالُ شعاعٍ طليق الرؤى يحترق بمجمرة ٍ في أفق الأمنيات
وصحويَ الذي تطارده رموش كأسها
وتُثْقِلُ أطرافهُ بنشوة ٍ ترشفُ وجع الحانة بليل سقيمٍ
مازال من أول عهده بشفتيها يحرق ثلج أحزان ٍ عتّقتها رغبة مسكونة برماد ٍ دافق من نسغ أشجارٍ يغمر فضاء غابة من ركام
فتتسلل نعومة ُ السْكرِ خلسة ً بين أهداب الحفيف تعبر نوافذ الذات وتكنس عن أجفان الدوائر المثقلة بفيض ما تساقط َ من الأوراق
وما تيبّس من انطفاء الوقت
وما كان غافياً في كهفه من أساطيرِ أصابعِ ريح ٍ تمسح عن جبين الغيم أشعاراً تملأ ُفضاء حانة ٍ حررت لذائذها السجينة
وأطلقتها وراء حدود لهب بهيج الدفء يبحث عني
ويغريني بترك العنان للسراب كي يغطي عري جسد ٍ تآلف مع انتظار مكتوم في قامة ليل مدينتي
فالليل والنهار توءمان في دوائر نضارة الفجر المقدس الذي غلّفه العمرُ بصمتِ نسغٍ مازال يجري من أول دهره
يبحث عن مهرب من نوافذ موصودة بنهايات ٍتتجلى عذرية الدفء بها
تئن وتشكو
فيفر الضوء ويعجن بالظل أجنحة كهوف ٍيبسط العتم عذريته في الوصيد
فيتبرعم على جدار الأحلام سراخس طمأنينةٍ نسيتها أزمنة القلق
فيهفو الحلم لصحوة ٍ من وضوح ٍ يتبرج على صفحات دفترٍ يستحم بحبرِ سطوره ِ صمتٌ يزمجر
حاصره نعش أبجديةِ عناقيد ٍيسيل النبيذ من مذبح كرومها
ويرسم على صفحات الدوالي :
أول العشق تنهيدةُ شاطئٍ
وأوسطهُ قبلة نورسٍ على جبين رذاذ الموج
وآخره عتق من النوم
أيتها القافية المسورة بأسطورة رشيقة من نشيد الخمائل
يكفيك ِ سفراً في متاهات أسرار أغنية تطلع كالأقحوان في بيادر الجنون
تفتش بين أعشاش السنونو عن رحيل مثقل بأحلام الرجوع
كي ترشق أفئدة الانتظار على الشرفات الثكلى
بأنشودة من لهفة الوجد المعتق من أول الاخضرار
حتى آخر نداء الأرض لأوراق الدوالي
مرورا بخواتيم النبيذ
.
.
يتبع ..