من أخبار المجانين :
روي عن ناسٍ نزلوا البيمارستانات، حكوا أن قيساً أنزل معهم زمناً، وكان أرجحهم عقلاً وأصفاهم حجةً في حضرة النطاسين قالوا عن سرٍ أفشاه لهم واستحلفهم أن لا يبوحوا به قبل موته فقد وجد في ثوب الجنون أجمل الحلل وأنجاها لكي يظفر بليلى، وأن خبر الجنون الذي شاع عنه اختلقته القصة الأولى لتمويه شعرٍ هازلٍ قاله في المهدي والد ليلى في الصبا قال (اشتكاني عند مروان بن الحكم، فلفق لي القصة شخص يشتغل في الأدب يقال له الأصمعي وراوق فيها فأسعفني من عقاب السلطان لكن المهدي لم يغفر لي ذلك وكان الأصمعي عندما سئل عن خبري نفى جنوني بصيغةٍ تنطوي على تأكيدٍ ناجزٍ، فأحسن إشاعته إلى يومنا هذا وظني أن جل من جاء من رواة الأخبار بعده لم يقبل خبر الجنون من دون الأخبار كلها وشهادة الشعر بين يديه ولكنهم وجدوا في الجنون طبيعةً تخفي أكثر مما تفصح وعندهم كلما غمضت الأخبار زاد شيوعها وانسحار الناس بها، ويقيني أن الأصفهاني نفسه قد استوثق في الأغاني من بطلان خبر الجنون ولكنه أبطن ذلك لئلا يستهين اللاحقون بما وضعه من تصانيف) ولم يلتفت الرواة للتثبت من كلام أهل البيمارستانات، حتى جاء شيخ غامض الزمان مجهول المكان يقال له عبدالرحمن صاحب الملوك واستوثق من الأمر