يحلو للبعض ارتداء الاقنعة . الاختفاء خلف الكذب والخداع والضغينة سبيل أولئك للوصول إلى أهدافهم . منا من يتسلق على أكتاف غيره ليصل إلى غاياته حتى ولو كان ذلك على حساب كرامته وكرامة الآخرين . أحيانا يكون الهدف الأساسي لدى البعض الارتقاء على غيرهم حتى ولو كان ذلك بإهانة آدميتهم وآدمية من يتعاملون معه.
العقلاء من وجهة نظر هؤلاء هم الضاحكون على الذقون حتى ولو بسلب « لقمة العيش من الأفواه » . الدنيا ما سميت بهذا الاسم إلا لأنها دنيئة لا تشكل في ملكوت الخالق الباري عز وجل مثقال ذرة وفوق كل ذلك هي سائرة للزوال فتلك هي نهايتها الحتمية لكون العدم مصيرها الأخير.
عشق الاقنعة هواية لدى البعض وغريزة لدى البعض ايضا . انه اللهث خلف لقمة العيش الذي يجعل البعض « يتصيد « ويلتصق بمن حوله ويدعي «الطيبة» ويخفي الضغائن والأحقاد ليصل لهدفه على حساب سذاجة وبساطة من يقوم باستغلالهم . الإصرار على الارتقاء مهما كانت سبله وطرقه ومهما كانت حدة الوطأة على الغير أسلوب رخيص يتقنه ضعفاء النفوس ما دامت قلوبهم لا تعي صدق التعامل ولا تتفهم ان الحياة «اخذ وعطاء» وهم للأسف يملكون قلوبا لا تخشى الباري ولا تتفكر في قدرته بل لا تخشى من خلقه عز وجل ابدا.
الألوان تصبح باهتة أحيانا وأحيانا تعبر عن داخلنا . بعضها يرمز للحب وبعضها للكراهية وألوان للجفا وأخرى للحزن والكآبة وتلك هي الاقنعة تتلون وتتلوى فهي أنواع وأنماط أعاننا الله عليها وعلى فهمها وفك رموزها المعقدة . أقنعة في العمل والمنزل والشوارع والازقة وفي كل مكان موجودة حتى بين الأصدقاء والأقارب . وإتقان فهم هذه الأقنعة يتطلب دراية كافية ومعرفة بالنفس البشرية أحيانا وطباعها وسلوكياتها التي أشبه بالخليط بين الخير والشر ومن يملك هذه الخبرة والدراية يعد انسانا ذا نظرة ثاقبة ومثله قليل جدا في زمننا المليء بالزيف والبهتان.
نشرت في جريدة اليوم الجمعه 19/12/1428