عجوز شمطاء
تغضّن جبينها وتهدّل نهدها , تصحرات الجوع المطلّة من بين تشققات أسمالها البالية تُلقم البؤس الآخذ مكانه على تيبسات وجهها الممتقع أديمه بحزنها النابت على أفراح الآخرين , عيناها الغائرتان تلمّان شمل الخبث من خلجات جسدها ليقتات من ثمار الدسائس اليانعة في دواخلها ..
عجوز شمطاء
حديثها هينمة وضحكها ولولة , نهارها ليل تهيم في حنادسه أشباح تنبثّ مع الغطيط المنبعث من خياشيمها المتيقظة ببواعث التعفّن , تقاذفتها رياح البغض وتاهت في شعاب الضغينة , تصرمت الأيام وهي تجر خطاها المثقلة بالخطايا صوب قوافل تساوق وقع أخفافها مع حداء بدوي يترنّم ..
عجوز شمطاء
أوقرتها السنون وأعياها الركض في فيافي العمر المقفرة فاستلقت على الآكام المتاخمة لدرب قوافل تنقل البياض لمدن اتشحت بالسواد , تهادى إلى سمع العجوز خفق أقدام بدوي يخطر في الدروب الممتدة أمام القوافل يشدو لأعشاب تصوّحت وجداول الماء تنساب من حولها ..
عجوز شمطاء
أربد وجهها حين غمرها مدّ الشدو لينبعث من جوفها بركان يقذف حممه نداء يجوب النواحي ويطرق الآفاق , يلملم شعث أيتام المعرفة التائهين في صحاري الكلمة أن هلمّوا ... أقعدوا لهذا البدوي كل مرصد ..اطرحوه ..اقتلوه يخلُ لكم وجه المكان ..
عجوز شمطاء
طفقت تذرع المكان جيئة وذهوبا , تبعث بالنداء تلو النداء علّ مجيباً يدنو , خفت صوتها كمصباح أطعم الليل ذبالته أفواه الرياح , غمغمت وهي تُطلق نداء أخيراً يحدوه مصير مجهول ..............
ابن المدينة / يوسف الحربي