ما الجُرْحُ الذي لا يَنْدَملُ على مَرِّ الأيَّامِ ؟
ما الكَسْرُ الذي لا يُجْبَرُ مدى العُمْرِ ؟
ما الموطنُ الذي لا إِثْمَ ولا عَارَ فيه في ذَرْفِ الدُّمُوعِ وتَصْعيْدِ الزَّفَرَاتِ ؟
إنَّهُ رحيْلُ مَنْ نُحبُّ وغيَابُهُم عن أَعْيُنِنَا ومواراتهم الثَّرى بأيدينا ! وانْصرَافُنَا عَنْهُم بجبالِ الشَّجى وبحَارِ الحنين وتوديعهم بالدُّعاء والبُكَاء !
وايمُ الله ما حَضَرْتُ جنازةً ، ولا رأيتُ فقيدًا يُدْرَجُ في لحده إلا أيْقَنْتُ من ضآلة الدنيا وتفاهتها ! وأنَّنا ضيوفٌ سنمضي حين تنتهي أَيَّامُ الضِّيَافَة !
أرى الوجوه كَلْمَى تتجلَّدُ في مَوْطن الضَّعْفِ وتُواري الدُّمُوعَ التي تَكَادُ تَنْبَجسُ من عِظَمِ الخَطْبِ ! وفي القلوب من الشَّجَى واضْطرَامِ الحنين مالا يَعْلَمُهُ إلا الذي يجزي على الصَّبْرِ وعظيم الابتلاء !
أيتها الأم الرؤوم : أفيضي عبرات الوجد على من حملْتِه في أحشائكِ جنينًا ثم دبَّ ودرجَ أمام ناظريكِ ! عيناكِ حرسه ! قلبكِ حصنه ! لسانكِ وقاؤه ! حضنكِ ذمامه !
أيها الأب الحاني : هبَّتْ رحمَاَتُ الرَّحمن الرَّحيْمِ لتَصْطَفي إلى جواره ثَمَرَةَ فُؤادكَ ليجزيَ صبرَكَ (بَيْتَ الحَمْدِ) في جنةٍ عرضها السموات والأرض .
أيها الإخوة الكلمى : في قلوبكم ثُلْمَةٌ لا تُعَوَّضُ ولا تُرْأَبُ فصبَّرَ الله قلوبًا أَدْمَاها الفَقْدُ وأَضْنَاها الرَّحيْلُ وأَدْنَفَها الحنيْنُ !
أيا أبناء العم : تبَدَّلَتِ الوُجُوهُ فَأَيْفَعَ الصَّبيُّ ، وأَبْقَلَ الأَمْرَدُ ، وخَضَبَ الشَّابُّ ، وتَجَعَّدَ الكَهْلُ ، وانْحَنَى الشَّيْخُ ، وأَوْفَى على دار الحَقِّ من انْتَهَتْ أَيَّامُ ضيَافته !
اللهم صبِّرِ القُلُوبَ الكَلْمَى التي أشْجاها الفَقْدُ ، وأَضْرَمَ أُوَارَ حنينها الظُّعُونُ الأبَديُّ الذي لا أَوْبَةَ منْهُ ولا لِقَاءَ بَعْدَهُ إلا بين يديكَ وفي دار كرامتكَ !
اللهم ارحمنا إذا خَلَتْ منَّا مَوَاطنُ الّلِقَاءِ ، ومَحَافِلُ الأَقَاربِ ، ومُنْتَدَيَاتُ الأَحْبَابِ !
الاثنين 1446/4/25 هـ 18 : 6 مساءً .