![]() |
دنيا المحبوية
انعقد لساني في صمته ،، ووثب قلبي بقوة رجت صدري رجا ً عنيفا ً أفزعني أول الأمر وآلمني ،، وفي أسرع من لمعان البرق استغرقتني سكرة طاغية من السعادة كدت أغمض لها عيني من شدة التأثر ،، ثم وجدت أن كل خاطرة تنبض بها نفسي قد اتجهت صوب السماء ،، نظرت إلى الوراء فرأيت المحبوبة تتطلع إلي بعين باسمة ،، ها هي ذي بعد انتظار شهرين أو يزيد ،، ها هو الأصل الذي تملأ صورته روحي وجوارحي ويقظتي ونومي ،، ها هي قائمة أمام عيني شاهدا ً على أن الألم الذي لا حد له والسرور الذي لا وصف له واليقظة المحرقة للنفس والحلم الخالد في الأفق ،، إن كل ذلك رجع في آخر الأمر إلى مخلوق تترك قدماه آثار على الأرض ،، رنوت إليها فجذب مغناطيسها شعوري كله حتى سلبني الإحساس بالزمان والمكان ،، كأني روح مجردة تسبح في فراغ نحو المجهول ،، على أن إدراكي لها هي نفسها لم يكن حسيا ً بقدر ما كان روحيا ً ،، تمثل في نشوة ساحرة وغبطة شادية ونغمة تلامس الأعماق ،، وهنت مني الرؤية أو تلاشت ،، كأن قوة انفعالي الروحي استأثرت بكل حيويتي فاستسلمت حواسي وقواي العاقلة والمدركة والملاحظة إلى سبات أشرف بي على نوع من الفناء ،، لذلك كانت المحبوبة دائما ً أطوع لذاكرتي منها إلى حواسي ،، لا أكاد أرى منها وأنا في محضرها شيئا ً ،، ولكنها تتراءى فيما بعد في ذاكرتي بالقامة الهيفاء ونظرة العين الناعسة وما يلوح فيها من هدوء الفجر ولطفه وعظمته ،، كنت أرى صورتها بذاكرتي لا بحواسي كالنغمة الساحرة نفنى في سماعها فلا نذكر منها شيئا ً حتى تفاجئنا مفاجأة سعيدة في اللحظات الأولى من الاستيقاظ أو في ساعة انسجام ،، فتتردد في أعماق الشعور لحنا ً متكامل ،، فلأحلم حتى يشرد مني العقل والقلب ،، إني أحب هذه الحديقة إكراما ً للمحبوبة ،، أما الذي لا أدريه فهو حب المحبوبة نفسها !! ،، ما أسعدني بهذا المنظر ،، هذا الحديث ،، هذا الصوت ،، تأمل أليست هذه هي السعادة ؟! ،، فراشة كنسمة الفجر تقطر ألوانا ً بهيجة وترشف رحيق الندى والزهر ،، هذا أنا ،، لو يدم هذا الموقف إلى الأبد ،، شعرت بأن صبري طيلة أشهر الصيف لم يذهب هدرا ً ،، لم لا ينتحر الناس ضنا ً بالسعادة كما ينتحرون فرارا ً من الشقاء ؟! ،، ليس من الضروري أن يمتد اللقاء كي أتلقى متع الحواس والعقل والروح ،، فقد فزت في هذه اللحظة بكل أولئك دون أن أبرح مكاني ،، من أين لبشر أن يؤتى القدرة على إحداث هذا كله ؟! ،، ذاب كل شئ وتوارى تحت نظرة من عينيك يا محبوبة ،، ما الفاصل بين الحلم والحقيقة وفي أيهما تراني أهيم الساعة ؟! ،، وقفت أمام السيارة ورفعت رأسي فوجدتها في النافذة تلوح بيدها متوارية عن أعين الطريق ،، فألمح بين لحظة وأخرى الوجه الذي استقرت في هيئته ورموزه آمالي في الحياة وما فوق الحياة ،، وقلبي يتلاطم بين الضلوع سكرا ً ،، مسترجعا ً صدى الضحكات المترعة التي اضطربت أنفاسي لها من وجد وهيام ،، ثم غابت عن النافذة ،، فتساءلت يا له من حب عجيب ،، شئ لا علاج له ،، إنه مرض قلب يتعبد حائرا ً ولا يدري ماذا وراء عنائه يروم ،، ادع صورتها من درج مكتبك وتأمل قليلا ً ،، هل يمكن أن تتخيلها مسهدة طريحة حب وجوى ؟! ،، ما أبعد ذلك عن خوارق الظنون ،، إنها فوق الحب ما دام الحب نقصا ً لا يدرك الكمال إلا بالحبيب ،، اصبر ولا تلو قلبك من الألم ،، حسبك أن تحب ،، حسبك منظرها الذي يشعشع بالنور روحك ،، وأنغام نبراتها التي تسكر بالتطريب جوارحك ،، منها ينبثق سحر تتبدى فيه الكائنات خلقا ً جديدا ً ،، الورد والليمون في حديقة بيتها من بعد صمت يتناجيان ،، والأشجار تطير فوق بساط الشفق صوب السماء ،، معالم الحي تنطق عن حكمة الأجيال ،، أوركسترا الوجود تستأنف زفرات الأشعار ،، الحنان يفيض من الجحور ،، الأناقة تزخرف الأزقة والدروب ،، عصافير الغبطة تزقزق فوق القبور ،، الجماد يتيه في صمت التأملات ،، قوس قزح يتجلى على السجادة التي تطرح عليها قدميك ،، هذه دنيا المحبوبة ،، ما أعظم الفارق بين الواقع والمثال ،، الأمهات لا يفكرن إلا في السلامة ،، لا بد للحياة من قرابين وشهداء ،، الجسم والعقل والروح قرابينها ،، قلبك لا يتردد عن الاختيار ولو حطم قلب هذه الأم التعيسة وآمال أقاربها ،، ميتة تستنزف جرحا ً وتضمد جرحا ً ،، الحب العجيب حقا ً هو حبي لك ،، هو شهادة للدنيا ضد التعساء من خصومها ،، علمني أن الموت ليس أفظع ما نخاف وأن الحياة ليس أبهج ما نبتغي ،، وأن من الحياة ما يغلظ ويفر حتى يلتمس الموت ،، ومنها ما يرق ويثرى حتى يهفو إلى الخلود ،، وها هو الصوت العميق ينساب من الهاتف ،، وقد يلتقي الشعور الفطري بالرأي الحكيم دون أن تهوى سذاجة الفطرة من أصالة الحكمة ،، كل الناس تعرف سقراط ،، ولكن من منهم يعرف القضاة الذين حاكموه ؟! ،، المهم أنك تتحدثين وأنا أستمع ،، ومناداتها لك ما أطربها ،، صوت لا تدري كيف تصنعه ،، رنينه في صفاء النور ،، ولونه لو تخيلت له لونا ً في زرقة السماء الصافية ،، دافئ الإيمان داعيا ً إلى الغرق ،،، صيف عام 1421 |
عبدالله الدوسري ــــــــــــــــــــ * * * اقتباس:
هنا قمّة الحبّ و عِفّته طُهرهُ وغيمته ... شكراً لهذا الدرس ولك الأكثر . |
تأتي كعادتك ياعبدالله
سهلاً ممتنعاً تتدرج بالموقف من الذهول لآخر الذهول ممتعة هي القراءة لك ... مودتي لقلبك . |
: المُتَشرّد ،، وفي روايةٍ المُتَفرّد ،، والمُتَورّد ،، لَكَ القلبُ وَ نبضهُ.. فقد كنتَ عاشقاً للثمالة ، وَ مُمسكاً بشعرة معاوية / بين قلبك وعقلك . _ تقديري وَ احترامي _ |
عبدالله الدوسري
وهنا حروفٌ تتهجّا االأحداث بـ زواياها الاجمل حروفٌ تدعونا للعدوة لقراءتها اكثر وأكثر تحيّاتي لك |
اقتباس:
. . . صباح الخير أخي العزيز "عبدالله الدوسري" وتلك المقولة خلدتها فوق أيّ عبارات أو إعترافات قد تنقص من قدرها وتلك القراءة من أنبل القراءات لقصة حب بعيني حبيب كالسماء رفعة وسعة ونقاء وصفاء..! \ * رائع لا تأتي إلا بما هو رائع كعادتك أخي..! أسعد الله قلبك في الدارين http://www.khozamanajd.com/upload/na...07-04-2007.gif "بدر الحربي" |
بوح راااائع
وكلمات انسابت من محبرة مبدع لك فائق التقدير |
اقتباس:
القايد الحربي ، ، ، يسعدني دائما تشريفك لي برقي فكرك ،، كل الشكر لك وأكثر ،، تحياتي |
الساعة الآن 09:04 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.