![]() |
غربة أوطان
لملمُ مشاعرنا المختلطة بين سعادتنا بتوديع دفعة من طالباتنا وحزننا لفراقهن وقد اعتدنا ذلك عامًا
بعدعام، فرحا بعد فرح، حزنا بعد حزن سنة الحياة، العصافير الصغيرة تودع أعشاشها، الطفل يكبر والشاب يغادر الأيام تدور لاشيئ يبقى كالموت الأشجار العتيقة كالدهن كالعطر تشيخ، والوجوه المألوفة يراودها الغياب ستصغر آلامنا بعد حين وقد اعتدنا لكن طالباتنا اليافعات لم يعتدن ذلك فرغنا من حفل التخرج لطالباتنا / المرحلة الثانوية بعد أن أرتدت الطالبات أرواب التخرج فبَدوْنَ كموسم الزهور، يارب سعادة لاتزول تشاركهن صديقاتهن وأمهاتهن ومعلماتهن حفل التخرج الشمس تلسع أرضية الساحة المدرسية وقد انتصف النهار، انقسم نصفين صباح صاخب ومساء حالم وحدهم من يقفون في مفترق الطرق يرون ذلك، هرعت المعلمات إلى غرفهن يجرعن ماءً باردًا ويلتمسن هواء منعشًا كذلك فعلت الطالبات ألمح طالبة على مسافة ليست قريبة تمسح بيديها على أبواب الفصول تضع يدها تارة على قلبها وتارة على شفتيها تساءلت ماذا تفعل تلك الطالبة !!!؟ تقترب أكثر لم ترني أجزم أنها لا ترى أحدا ولا تشعر بأحد عيناها مغروقتان بالدمع اقتربت من غرفة المعلمات تضع يدها على مقبض الباب تبكي بحرقة تنتقل إلى جدران المدرسة ....درابزيناتها ....يزداد شهيقها حملت يومها الحزين ومضت تدس في جيوبها ذكريات اللحظات العابرة تعتبق النسمات العاطرة، سألت نفسي هل مازال هناك طالبات تفعلن ذلك ؟؟؟ خاصة وهي غير سعودية ولا تنتمي لسعوديتنا قطعا هي لاتنتمي..... كنت أفكر كثيرًا في أمرها ..عقارب الساعة تقتات الوقت والفرصة .. تركض فوق تعبنا، الصباح يتنفس، وحدنا نختنق بالروتين والمسئوليات، المدرسة خالية فقد آثرت الطالبات الغياب بعد حفل تخرجهن العاصف بدءا بمكياجهن وانتهاء بعواطف جياشة سكبنها إلى جوار نباتات الظل في ممرات المدرسة كانت حليمة تجلس وحيدة في الفصل كنت ألقي السلام وأسألها أين زميلاتك ؟ متغيبات يا أستاذة ولم تغيبي !!!! قالت كلها أيام وأغادر ماض جميلا ما أقسى ألا تحمل ماضيك معك..... سألتها وأين ستذهبين ؟ خفضت رأسها دامعة سأعود إلى بلدي .... اقتربت منها وهل هناك من لا يحب العودة إلى بلده!!!! كانت تبكي وتقول هذه بلدي يا أبله هنا ولدت ولكنني أموت كشجرة ..... جذوري انتمائي هنا طفولتي ومراهقتي كيف أمضي دونهما ؟ كبف يا أبله!!!؟ كنت أربت على كتفيها وفي قلبي حسرة قلت ألملم شتات فكري سفرك يعني أنك كبرت أصبحت ناضجة وبلدك يحتاجك..... ستلتقين أقاربك وتكملين تعليمك وربما تتزوجين ستندمجين في حياة مملوءة بالمسئوليات ستنسين كان الصمت الذي يأتي دون موعد يغلف المكان، آن لدموعي أن تطلق العنان، الأيام تركض وحدنا نتقهقر نعود أدراجنا نلتقط خيباتنا كي لايراها أحد الأختبارات وصخبها داخلنا وهدوءها خارجنا في أروقة المدارس تفوقت حليمة مضت وهي تحب هذه المدرسة رغم أنه ليس من حقها المشاركة في أولمبياد المواد أو أولمبياد موهبة مضت وهي تعطرمساءاتها بذكرياتها وأريجنا كما قالت ودعتها وتبادلنا العناوين شهر ونصف اجازة مبتورة تكفي لنسيان دموع حليمة لا تكفي للانسلاخ من عام مضى والدخول في عالم جديد هكذا نكبر دون أن نعي كانت حليمة تبعث رسائل الحنين تكره غربتها في وطنها وعدم انسجامها تخجل من لا انتمائها تحاول عبثا لكنها لا تستطيع 19عام ترعرعتُ هنا اشتاق يا أبلة لبلد حفرته داخلي رغم أنه أزالني من سجلاته .. |
كأني
في مقاعد المتفرجين والمشاهدين لقصة رومانسية في زمن عزت فيه مشاعر الرومانسية تحياتي اديبتنا القديرة |
وطن الإنسان حيث مسكنه ومأكله
وحليمة نموذج مصغر لمعاناة الآلاف عاشوا زهرة عمرهم في أماكن أعتبروها وطنهم الأم لا أجمل من ذكريات الطفولة وما أسوأ أن تندثر بالتشتت والفراق دمت بخير وعافية |
تفاصيل تسوقُ الحنين بلا سوق !
وتستَدرِكُ الخطوَ لِـ ماضٍ غافل أطر الإنتماء وحلّ في ثوب غربةِ فضفاض الوطن حيثُ تكون الذكرى هي النازعة الأوفى دمتِ سامقة يا فاطم ♥ |
الكاتبة فاطمة الغامدي سعدتُ بطلتكِ البهية والحضور الملوكي . جميلة أنتِ حين تحضُرين
نص غربة أوطان مؤثر وبشدة وواقعي ومن فصول الحياة التي يمر بها كل إنسان النص يتداخل في مذكرات ويوميات ادبية ..لها تأثيرها في نفس قارئها ولها تأثيرها في جلب الذكريات وإستحضار كل ما هو جميل في كل زاوية من اورقة بيت العلم ورائحة الأشجار وظلالها .والحظات الجميلة والمناسبات التي يُقام لها إحتفالا ورهبة الإختبار ...والكثير الكثير من الامور التي لا تُنسى ،وتبقى مع الإنسان طوال حياته . حليمة هذه الإنسانة المخلصة بكامل مشاعرها وحبها تستحق كل تقدير على إخلاصها ووفائها للمكان .... |
يبقى الوطن ذاك الذي ترعرعت فيه .. و صنعت كل الذكريات في ركن قصي منه .. لا الذي رحلت عنه روحك ... فاطمة .. لك قلم يتحرك بالحياة .. فما أحيلاه! ود |
..
.. قَانُونُ الواقِع يَنسلخُ من الإنسانيَّة ويَدفنُ كُل مادُونَ ذَلِكَ فِي قَاعِ المُحال ! أبكتني سطُوركِ يافاطِمة تأخُذُنا الأيام حيثُ لانُرِيد ورُغمًا عنَّا نعيشُ حيثُ لانكُون ! أسعدكِ الله . |
والجرح اكتوى بالملح يا أبله " فاطمة "
ليس حليمة .. بل حال الكثير .. وحتى لو كان هذا هو الوطن والدار .. تبقى مفارقة المكان والأشخاص .. بعد أن اعتادت عليه لأكثر من حقبة زمنية في عقلها .. كانت الضحكات والأحزان مولدها هنا .. فما بالك عندما يكون الحزن مضاعفاً .. كانت المدرسة الأسرة الثانية ، بل وربما تقضي فيها وقت أكثر مما تقضيه مع أسرتها .. ! يبقى السؤال الذي إلى يومك هذا أجهل اجابته .. هل ينسينا الزمن والمسؤولية ؟ كل هذا .. هل يمحوا الزمن ويخفف الأحزان .. أم تكون الذكرى مجرد تذكرة ذهاب وعودة لذلك المكان القبيح .. !! " ستندمجين في حياة مملوءة بالمسئوليات ستنسين " ربما وربما لا ... أعني من يعلم .. لكن ما أعلمه يقيناً .. من منا لا يشتاق لطفولته وصغره .. ؟! شكرا لك على هذا النص البديع .. كما قلت في أول الرد .. والجرح اكتوى بالملح يا أبله " فاطمة " فكلٌ منا يغني على ليلاه .. وآه .. يا ليلا .. أقصد " حليمة " .. هههههههه .. ^_^ شكرا لك . |
الساعة الآن 07:20 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.