منتديات أبعاد أدبية

منتديات أبعاد أدبية (https://www.ab33ad.com/vb/index.php)
-   أبعاد النثر الأدبي (https://www.ab33ad.com/vb/forumdisplay.php?f=5)
-   -   هكذا حدثتني امي (https://www.ab33ad.com/vb/showthread.php?t=37724)

فاضل العباس 02-12-2017 11:08 PM

هكذا حدثتني امي
 
هكذا حَدَثَتني امي
رقد الجميع وعَمَ السكون
اخلو لنفسي في تلك الساعه اغلقُ التلفاز واطفىء الانوار ليرتدي المكان حِدادهُ لاني احفظُ مواقع اثاث البيت
اشتهي الوحدةَ
وابدا رسم شخوص مسرحياتي
وحواراتهم الممزوجةِ باحلام اليَقَظَةِ.
تضيقُ بيَّ الصالة اشمُ روائحَ هي مزيج من بهاراتِ الطبخِ وابخرة الحمامات والافرشه
افتح النافذةعلى حديقة الدار
ارى قمرا تلون بلون الشمس وبدأ يخلع رداءه
ترحل عينايَّ للبعيد.
في مدينة لاتنتمي للمدن الا بالاسم
الشوارع ازقةٌ ترابيه تضيق وتتسع،تتلوى كافعى وتستقيم كخيزران
تعلوها سحب ترابيه كلما مَرَ رعاة الاغنام او لعب فيها الاطفال بكرة القماش
شارع واحد مسفلت موازي للنهر تتخذ دوائر الدولة اماكنها
في نهاية كل زقاقٍ عُلِقَ فانوس
يوقده عامل البلدية مساءٍ ويطفئه صباحا
لبيوت المبنية من حجارةٍ الطينِ الممزوج بالقش .
سوق المدينةِ توزعت دكاكينه الطينيه بعشوائيه وافترش الباعة الارضيه المقابله لدكاكينهم لعرض بضأعهم الممزوجة بين الرز والتمر والحبوب والقماش
هناك بين كوَّم الطين بيت جدتي لامي
غرفة واحده مسقوفة بسيقان الشجر وحصيرة القصب المطلي بالطين
الباب من الواح الخشب المصفوف بعوارض خشبيه مثبة بمسامير كبيره
نافذة الغرفة كوّة صغيره تغلق بقطة من التنك بحجرٍ يوضع خلفها
شاركتها اختها الصغيرة التي رحل عنها زوجها من زمن و لم تُرزق بطفل منه.

سريرا جداتي المسمى (بالسوباط) مصنوعان من الطين ليقيهما لسعات الافاعي والعقارب ومرح الفئران
الغرفة خاليه من الاثاث الا من صندوق خشبي لوضع الملابس التي تفوح منها رائحة العفن
اما الخردة فتوضع بوعاء مصنوع من خوص النخيل وبعض اوانيٍ للطبخ توضع فوق الصندوق الخشبي
في ركن من الغرفه وضع بابور نفطي .
في هذه الغرفة كانت ولادتي كانت الدنيا كريمة معي
هطل المطر بغزاره مصحوبا برياح شديده.
لم يستوعبها مزريب الغرفة فخر السطح في عدة اماكن
لاتكفي اواني الطبخ التي وضِعت لهاو التي تفرغهاجدتي وامي كلما امتلئت
وضعتني جدتي فوق سريرها ودثرتني بكل ماتملك من دثارات لحمايتي من البرد والمطر.
كنت ارقد في سكون تام كأني فهمتُ ما يحصل
انتبهت لسكوني جدتي فطلبت من امي تفقدي
اما جدتي الثانيه فكانت ترقد في سبات رغم منادات جدتي وطلب مساعدتها
عند الصباح هدأ المطر وفتحت عيناي على اول ضوء للشمس لتظعني امي في حظنها وتظمني لصدرها لارتشف بنهم وشهيه حليبها
حظن وحليب كأني اتحسس رائحتهم الان واشتاق لهما.
لم يتفقدني ابي رغم اني الابن الاول له لانه كان لاهيا مع عشيقته كما تقول.

بعد يومين زارتنا جدتي لابي متعذرةً بهطول المطر وانقطاع الطريق
خلف غرفة جدتي بنى خالي غرفتين من الطابوق واحدة له وواحده لجداتي.
اتفقد غرفة جدتي بسريرها الذي ولدت فوقه بين الحين والحين وكاني استحضر تلك الليله في كل زياره واشتاق لحظن امي ودفئه وحليبها الممزوج برائحة جسدهاوانفاسها .

نادرة عبدالحي 02-12-2017 11:26 PM

أجواء جميلة حميمة لوصف المكان والبيت القروي المتواضع
حنان الجدة والأم لا يمكن لأحد أخر أن يمنحهُ غيرهما ....
أجواء رائعة تأخذ القارئ لعالم بسيط تبعده عن ضجيج المُدن وزحمة التطور .
أسلوب سرد يجذب القارئ ويمده بالطاقة الإيجابية .

فاضل العباس 02-12-2017 11:29 PM

شكرا لتقديمك الرائع ايتها المتألقه
المبدعه

عبدالإله المالك 02-22-2017 04:46 PM

مشوقة جدا هذه الأحاديث
أحاديث الجدات

حييت يا فاضل

سيرين 02-23-2017 09:31 PM

ومن احاديثهم نغزل ضوء الحكمة هدي نسترشد بيقينة مدى الحياة
سرد مميز بتفاصيل التشويق والجمال كما لو كنا نراه مجسدا بمسرح الحدث
سلمت يمناك كاتبنا المبدع " فاضل العباس "
مودتي والياسمين


\..:icon20:

عَلاَمَ 02-28-2017 07:46 AM

رائع ، سيد فاضل شكرا لك

يوسف الأنصاري 02-28-2017 10:49 AM

لوهلة كنت في ..
"
افتح النافذة على حديقة الدار
"
ومن وصف الدار .. إلى أحلام اليقظة .. اختلف الحال ..
حتى ذكرت ..
"
في مدينة لاتنتمي للمدن الا بالاسم

"
تلك المدن تسمى ( المدن الورقية ) فهي ليست على الخريطة ..
ومن بين الريف صغت أوصاف قصتك ..
وهذا أجمل ما فيها .. الوصف البسيط المتعمق معاً ..
استخدمت ( المضارع ) وهذا ما أعطى حس الإنغماس في الشعور والسرد أكثر ..

برغم ان لحظة الطفولة تلك كان بها الكثير من صور الحزن ..
إلا أنها كانت ذكريات شرود وسعادة في المستقبل ..
وهذه هي الحياة ..

شكرا للمشاركة ..

فاضل العباس 03-09-2017 05:15 AM

شكرا لحسن رايكم


الساعة الآن 05:36 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.