منتديات أبعاد أدبية

منتديات أبعاد أدبية (https://www.ab33ad.com/vb/index.php)
-   أبعاد النثر الأدبي (https://www.ab33ad.com/vb/forumdisplay.php?f=5)
-   -   سَيَسْمَعَكَ اللهُ (https://www.ab33ad.com/vb/showthread.php?t=35372)

ساديل 05-25-2015 07:41 PM

سَيَسْمَعَكَ اللهُ
 

بَصْمَةٌ :

مُتقوسةٌ أمانينا ؛ كعرجونِ حُلمٍ يابسٍ ،
وأشواقنا تعجُّ برسائلَ مٌحلِّقةٍ ؛ تنقرُ نافذةَ السَّماءِ بالدُّعاءِ والرَّجاءِ .

بِلَّوْرٌ :

تمنَّيتُ أنْ تُنصفني –في خريفكَ- أحصنةُ الرِّياحِ !
تُقلِّبُ حُلمي الكبيرِ بكَ ؛ تحتَ سنابكِ الشَّمسِ وسنابلها النَّاضجة !
يا وجهَ الكونِ في غُرَّة المدى ،
يا ارتحالَ الصَّوتِ في صدرِ الصَّدى ،
لَمْ تنطفئْ أضلعي ظمأً تحتَ قنديلِ القمرِ ، ولا احترقتْ أصابعي شوقًا بأنفاسِ المطرِ .

فَصْلٌ :

لَمْ تُحايلني زنبقةٌ على أبوابِ جُنونها ربيعٌ يتنكَّرُ لظلِّكَ ومن ضيائكَ يتبرَّمُ ،
ولَمْ أُهادنْ الشِّتاءَ على بيعِ ذكراكَ ،
ولَمْ أستمعْ لصيفٍ عزفَ لي نشازَ الدَّمعِ على قارعةِ الطَّريقِ ودعاني للفراق !.

صَوْتٌ :


تواطأَ غيابُكَ مع أشيائي ؛ خطفَ ظلِّي إلى ظلِّكَ ،
لَمْ أُبدِّلْ وجهةَ الشَّوقِ عن الطَّريقِ ، ولا انحرفتُ عن صراطِ قلبي يا دليلي ؛
على يُمناهُ ترقدُ حقولُ صمتي ،
وتغرسُ يُسراهُ -في الصَّدى- حبَّات صبري ،
وطيفي المجنونُ يغتالُ أيلولَ وآبَ ؛
وتنثرُ لهفتي زهرَ النِّسرين على هدوءِ الحُلمِ المُمتدِّ إليكَ من رحيقي.

رِسَالةٌ إِلَيْهِ :

سيِّدي البعيدُ الغائبُ ؛
في مدينتي يعيشُ سرٌّ عجيبٌ أودعتُهُ الحنينَ ،
يكنسُ غبارَ الغيابِ عن شرفتِكَ المهجورةِ وفناءِ عشقكِ العتيقِ ،
عن قناديلِ صوتكَ ،
عن قصائدِ بوحكَ المتدلِّيةِ على الأرصفةِ وفي وجوهِ العابرينَ ،
عن شرنقاتِ شوقٍ في الهواءِ معلَّقة بأملِ عودتكَ ثانيةً ،
عن غناءٍ يعتمرُ وطنكَ البعيدِ ،
عن محاربٍ مع ساسةِ الشِّتاءِ ؛ يُنازلُ جُنودَ الصَّقيعِ بنبالِ انتظارهِ كالغريق.

***
http://www.adbyah.com/vb/data:image/...AASUVORK5CYII=




في قلبِ غيمةٍ بيضاءَ أدسُّ فيها عينيَّ ، ومنها أقطفُ –بخيالي- حروفًا تليقُ برجلٍ يصنعُ -في صدرهِ- من الطِّينِ طائرًا ، ثمَّ بالممحاةِ يصطادُهُ ، وفي قبضتهِ الهائمةِ سنابل وجدٍ ؛ تطحنُ رحى الأيام شوقَهَا ، ثم على بساطِ أوراقي تذروها صورًا وتنثره مرايا .

***
- حينما يعزُّ الكلامُ ؛ فاعلمْ أنَّ أُذنَ الليلِ قد بُتِرَتْ ، وأنَّ ضوءَ القمرِ قد باتَ مُعلَّقًا بين وصلٍ وهجرٍ . وحينما يتثاءبُ الجُنونُ في أوانهِ ؛ فاعلمْ أنَّه قد رَفَعَ بنانَهُ ؛ لتستقرَّ عليه فراشةٌ ؛ لَمْ تَنْتَمِ –يومًا- للمطرِ ، ولَمْ تَنَمْ على صدرِ غيمةٍ .

***


- ستحملنا السَّماءُ بلا ميلادَ ولا أسماءَ ، سنكونُ أصواتًا بأجنحةٍ لا يُقيِّدُها زمنٌ ولا أرضٌ تحبسُهَا ، سنمزِّقُ المسافةَ الفاصلةَ ، ونُجرِّدُهَا من الحُدودِ ، ومن حواجزِ الغُربةِ والغُروبِ والغيابِ ، ومعًا سنبني غصونَ دفءٍ ؛ لا يُطفئُهَا البردُ ، ولا البعدُ يكسِرُهَا ؛ فلا تُجازيني على غيابي بالغيابِ ، ولا تجرحي رجائي بالعتابِ ؛ فو الله ما نَبَتَتْ في قلبي عُصفورَةُ عشقٍ من بعدكِ ، ولا اعتنقتْ خيولُ رياحيني غيرَ رائحةِ عطركِ .

http://www.adbyah.com/vb/data:image/...AASUVORK5CYII=




***
- سأشرِّعُ بابَ نافذتي على الليلِ الطَّويلِ ، وأضعُ في أحضانِ كلِّ نجمةٍ أُمنيةً ؛ علَّها غيومُ الدُّعاءِ ؛ تُمطرني بكَ غيثًا ! وسأتوسَّدُ أحلامي البيضاءَ ، وأغرسُ في قلبِ كلِّ حُلمٍ وردةً حمراءَ ؛ صغيرة بحجمِهَا، كبيرة بمحبتِهَا وطُهرِهَا.

***



- دعينا في لقاءِ الغيمِ نحرثُ حقلًا ، ومنه نحصدُ أصواتَنَا الرَّاحلة ، ونُعتِقُ أرواحَنَا الحائرة من هَرَمِ ابتساماتِنَا وكآبةِ صمتِنَا ؛ فو الله إنَّها تختنقُ في داخلي أسرابُ الكلامِ ، وينامُ سرابُ عطركِ في روحي وحبري ، وتتيبَّسُ أطرافُ جُنوني ؛ فلا تقوى على الإمساكِ بخيوطِ العمر ؛ وهو في ظلِّ الليلِ خادمٌ أصمٌّ أبكمُّ .

http://www.adbyah.com/vb/data:image/...AASUVORK5CYII=



***
- في سماواتكَ وجدٌ بلا روحٍ ! يا أنتَ ؛ لَمْ أُسافرْ –يومًا- على مركبٍ من ورقٍ ليحملني إليكَ حرفًا ، ولَمْ يُزْهرْ على جسدي طيفٌ من أَملٍ ؛ بَل أزهرَ فيَّ أرقُ الحُلمِ وقلقُ الألمِ ، والشَّجنُ سلبَ –من ضلوعي- ضوءَ الوجدِ نحو فضاءٍ يعشقُكَ في هذيانكَ ، أشكوكَ للغيابِ ؛ فيعرجُ بي إلى أفقكَ مكسورةَ اليراعِ والمجدافِ ؛ فلا خاصرةَ للشَّمسِ تحتضنني ، ولا عاصفةَ هوجاءَ تحملُ للنسيانِ أوجاعي ، وتسألني الصعودَ نحوكَ ؛ لأحتفي بكَ مع أغصاني الهزيلةِ ، لأمحو جميعَ الفُصولِ من ذاكرتي ؛ ما عدا فصل الشتاءِ ، ولأفتحَ نوافذي لأبجديةِ ليلٍ بهيمٍ مُشرَّدٍ ؛ يملؤه الأنينُ الثقيلُ والبردُ المقيتُ .
سيسمعكَ اللهُ ! وكلماتُكَ تحفرُ مجدَهَا في لُغتي ، وذكرياتُكَ تدقُّ مساميرَ حروفها في روحي ؛ وكلُّها مآذنُ حربٍ ؛ تصدحُ بالعزاءِ ، وتُجلِّلني بالسَّوادِ السَّقيمِ .



- أرجوكِ دعي اللقاءَ يكبرُ في مداركِ ؛ يرتقُ ثقبَ الحنينِ ، ويُضمِّدُ جرحَ المسافة بالمسيرِ والوُصولِ ؛ ففرحي هو أن ألقاكِ ، وأن أجعلَ من لقائنا منديلًا أهديه لكِ وتاجًا به أُتوِّجُكِ .


،http://www.adbyah.com/vb/data:image/...AASUVORK5CYII=



- يأتي بكَ الخريفُ على الطَّريقِ كالضَّياعِ أو كالحريقِ ، وقلبي في اغترابه الطَّويلِ مفقودٌ مفقودٌ ، لَمْ أنزعْ من صدري لونَ وردتكَ ، وَلَمْ أَدفنْ في ذاكرةِ النِّسيانِ عطرَهَا، ولا نفضتُ قطراتِ الحنينِ عن جبينها. شكوتُ عطركَ للغروبِ ولأطفاله من النَّوارسِ والعصافيرِ، شكوتكَ لوميضِ البرقِ الضَّاحكِ ، وجنونِ الرَّعدِ العابثِ في صفاءِ حُلمي، ولهمهمةِ الرِّياحِ في ارتحالِهَا إلى غربتِهَا، ولرغبةٍ مُصفَّدةٍ بالجمرِ ومُسجَّاة كالنُّور بين قضبانِ الرُّوحِ في وحدتِهَا . سيسمعني اللهُ ! إنْ كذبتُ ، وألبستُ العناقَ عباءةَ الصَّمتِ، وسجنتُ دغدغةَ الورقِ في كُفوفِ الحُروفِ ، وادَّعيتُ أنَّها نافذةُ السَّماءِ نجومُ همسها مسلوبة من كُؤوسِ الياسمينِ ومن غيمةِ ليلٍ يغتسلُ بموجها وجهُ الصباحِ الحزينِ... ولقد فعلتُ..

***

ُ . سيسمعني اللهُ ! وأنا أُخبركَ بأنَّ الطريقَ إليكَ ستُرشدُ عقلي إلى ريشةٍ سوداءَ تلوكُ أرقَ الحُلمِ المُعلَّقِ على أبوابِ صدركَ ؛ وعلى المضي قُدمًا ستحثُّه .
سيسمعنا اللهُ في صمتنا الرَّهيب !.






،،
،
،
،
http://www.adbyah.com/vb/images/smilies/wd.gif

بلقيس الرشيدي 05-25-2015 08:04 PM

يأتِينا صَوتُ الشَوق غَارقًا بِالحنِين يُمسكُ بكُل الجِهات الَّتِي تُؤدِي لـ اللقاء !
أهلًا بِعودتكِ ياسَادِيل وأهلًا بهذِهِ الأناقة الأدبيَّة الَّتِي أسعدت أبعادنا بِحسِّها العاطر .

http://www.albrens.com/vb/uploaded/4563_1251393963.gif

ساره عبدالمنعم 05-25-2015 08:50 PM

ساديل عوده حميده
وراقيه

عبدالإله المالك 05-26-2015 01:30 PM

ومن خير من الله!!..

أحسنتِ يا ساديل

لغة مسافحة الغمام ..

تقبلي التحية والترحيب

:)

عبدالرحمن السعد 05-27-2015 12:01 AM

الكاتبة والمصممة الانيقة ساديل

أختي الفاضلة

لفد أتتحفنا بهذه الخاطرة الرائعة
و هي واحدة من أجمل ما قرأت من الخواطر

أسجل إعجابي هنا

دمت بحفظ الرحمن

مها مراد 05-27-2015 07:02 AM

سمع الله بالـتأكيد عزيزتي
ساديل
حرف متوهج وجميل
سيلمع في احداق ذاكرتي طويلاً
محبتي .

رشا عرابي 05-27-2015 08:17 AM

ياااالله
أيُّ مِدادٍ هذا يصافِح الثريّا ويَختال بلا هوادة

تسكبُنا المفردات شعوراً منصاعاً منساباً مع لُغَة النبض
ما أجملك

ودّي لكِ يا وارِفة الروح

ريانة القحطاني 05-28-2015 10:13 PM

أحرف مورقة كـ جنة دانيةتلامس بـ عطرها المملوء بالحنين شِغاف القلب


,
,
ساديل


رائعة وأكثر:icon20:


الساعة الآن 11:46 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.