منتديات أبعاد أدبية

منتديات أبعاد أدبية (https://www.ab33ad.com/vb/index.php)
-   أبعاد النثر الأدبي (https://www.ab33ad.com/vb/forumdisplay.php?f=5)
-   -   بَعْثَرة .... مَتى يَتنَفسُكَ وقْتِي؟ (https://www.ab33ad.com/vb/showthread.php?t=35031)

صالحه حسين 03-21-2015 04:52 AM

بَعْثَرة .... مَتى يَتنَفسُكَ وقْتِي؟
 

بَعْثَرة .... مَتى يَتنَفسُكَ وقْتِي؟

يُربِكُني صَوت الرِيح عند النَافِذة! إنَها تُنادي كَطِفلٍ أَنْبَتَهُ البُكاءُ! لها صَدَى صَوتِي؛ إِذْ يَرْتَطِم بجِدَارِ الصَمْت؛ فيَعُود ليَغْزِلَ من دَمْعِي قَمِيصَاً يَتَلوَّى فوق سِجَّادَتِي، ثم يَحُطُّ على وَجْهِي؛ فَلا يَرتدُّ إليَّ بَصَرِي؛ إلَّا بِمَا يَكْفِي لأُبْصِر الصَبَاح يَأْخُذُنِي لمِقْصَلة الوَقْت، ثُم هُنَاك يَخْذِلَنِي!

كَان للانْتِظَار مَسَاحَة قَيْدَ أَنْمُلة ضَاقَ بِها صَدْرِي، والأَصْوَات المُحَنَّطَة تَنْبَعِث من أفواه مُتزمِّلة باليَأْسِ، تَتطَايَر حَتَى تَتلاشَى، وأَنَا غَارِقَة في جُلْبَابِ قَلَقِي المُتَسِع بِأَنَاقَةٍ بَادِيَةٍ؛ أَنْفُض ضَجِيِج الكَآبة المُتَرَاكِم حَوْلَ أُذُنِي؛ لأَحْشٌو صَوتِي بَين الوُجُوه الضَاحِكَة، وَأَلْثُم آَخِر صُورَة لمَلامِحِي الحَائِرة؛ قَبْل أَنْ أَسْتَعِيِدْ بُكَائِي المُتضمِّخ بِرَائِحَة الدَمْ؛ لِيَشْهَدْ عَلى أَلمَِي.


أَرْكُضْ نَحُو الأَشْيَاء التِي تُشِير إِليَّ بِسبَّابَتِهَا؛ لَعَلَهَا تَعْرِف بَصْمَتِي، وَأَخْلَع الأَرْض من تَحْت قَدَمِي؛ لأَرْتَدِي غَضَبِي، وَأَمَارِس التَمَرُّد مُنْتَعِلةً جَبِين اِسْتِياء خَلَّفَه البُؤْس في رَاحَتِي، أحدِّق في حذائي الأحمر: إلى أين ستأخذني؟ وأتلصَّص بطرف عيني على صور مُتضجِّرة تملأ الجدار بشكل عشوائي، وكأنها ملَّتِ الوقوف هناك بلا هدفٍ أو غاية، ثمَّ ألوي ذراع آهاتي؛ حتى لا تتقيَّأ أنفاسها على همِّي؛ فتذيب شفاه همَّتي.


تمضي بي الساعات المُترهلة عقاربها، وذاك الكرسي المُتواري خلف ظهري؛ يعلو نباحه كلما زاد صمتي. قد لا أحكي لكم عن الفوضى العارمة التي تتمرَّغ بها ذاكرتي؛ حين يشرق صباحي بقسوة الشمس؛ ليصهر وجهي! تتزاحم الدقائق حول رأسي؛ لتجبرني على الوقوف مُجدَّداً كلما عيل صبري، إنه الانتظار الأكبر، انتظار النهايات... متى تنجلي؟ وعن ماذا ستسفر حيرتي؟

أتقنت المشي حافية القدمين على صرح مُمرَّد، مُتكئة على تمدُّد العطر على قارعة روحي، وفضيلة تبلِّل شوارع التنهيدات في صدري، أهمس كلما تكوَّم صدى الأصوات في حنجرتي؛ لأسدَّ به رمقَ وِحْدَةٍ مُعاقة؛ ابتلعتُ مفاتيحها، وكلما ابتعدتْ؛ ازددتُ شوقاً للتَّوضُّؤِ بها والتهجُّد في محرابها، هناك أعقد صفقة مع الأمل، الأمل الذي سيسجِّل التاريخُ أنه أشقاني بسباته الطويل في أوعية جسمي! مُنكفئة مفاصلي تسري بين الرجاء والخوف؛ كظلال المفقودين التي تبحث في تيهها عن محاجرها المالحة، وتتبَّع ذنوب الليل السائحة، وغرغرة السَّجدات النائحة، وكأس سابحة وشفاه مُسبِّحة، وعندما يعبر وجهك مدرج السماء؛ يهطل صوتي من فمي؛ لأعجن مزيجاً من النثر والشعر قبل طلوع الفجر؛ لعلِّي أزرع خطوات مُلوَّنة وخطوط مُخلَّدة؛ فما خُلِدتِ الأخيليَّة شعراً؛ لو لم يتغنَّى بها ابن حمير عاشقاً.

جسدي الصارخ بكل ألوان الحنين، الذي لا يسمن ولا يغني من أنين، يجعلني أتحدَّى الحدود والسدود؛ لأقتني عطرك الذي يشبه صوتك، وهدهد الشوق الصاخب يستدرجني إلى لغة الصمت الثائرة، وإنَّ الغرابة كلها تكمن في أنني مُحاطة بكل أصناف الودِّ الحمقاء ولكني لا أودُّ أحداً سواك! أتحصَّن برمل العفَّة، وأوصد جسدي بمغلاق الصبر، وأطوف سبعاً حول سكين النِّسوة، أتراك تدركني قبل أن يعقَّ العطش ريقي وتقدَّ الريح وشاحي وتنزعُ الرائحة عنِّي دثاري وتفك أزراري؟ أم هل تكُفَّ مشاغبتكَ عن النُّمو داخل أحشائي؛ ليكون للَّيل ظلٌّ صريح وللهمس بكاء فصيح؟

تمتمة ساخرة في عين النور تُخبرني أنَّ الغراب سينفض على فجري السواد، وليس في جعبتي من التفاؤل ما يُعينني على أن أُكوِّر ما ألتقطه من فتات الشمس؛ لأرمي به رحم الغيم؛ فيرتسم في كبد السماء قوس المطر، وكفُّ القلب مزدحمة بكثير من الصخب والشَّغب، وشتات الفكر يمارس لعبته الفاجرة على عقلي؛ فأتجرع من ثقب الطريق التخبُّط والتشظِّي، وتترمَّد بوصلتي، وتترمَّل بصيرتي. حقاً أصبحتُ أجهلني! وانتثرتِ الحقيقة من بين أضلاعي وأصابعي، ولكنها مازالت تقف على طرف اللسان، وفي الحلق حنظلها، وشوكها في صدري، وكلما هممتُ بلفظها؛ تنحرف عن مسارها؛ حتى أكنس الملح من قلبي والمرَّ من عقلي، أو يحكم الله في أمري..






ساره عبدالمنعم 03-21-2015 08:03 AM

رائعه جداً
سلمت

مروة عبدالله 03-21-2015 02:33 PM

آه من نكهات الإنتظار ..
المتشح بثقل الأنفاس ..
ورقرقة الدمع في العيون ..
وانفلات الآه مع زفرات الحنين ..


عذبة الروح ..

وكأنكِ وضعت روحكِ بدواخلنا ..
استمتعت هنا كثيراً ..
فلكِ شذا الورد لروعتكِ..

تحيتي

بلقيس الرشيدي 03-21-2015 06:20 PM

كُل سكُونٍ يأتي بِهِم وكُل زاوِية تحملُ ذِكراهُم وكُل صوتٍ يحملُ الأماني لَيتهُم هُم !
عَودة الربِيع والعِطر والشَجر ياعَذبة الروح إشتقتُ هَذَا الحرف وجداً فأهلاً عظِيمة بعَودتكِ ياغالِية .

http://www.albrens.com/vb/uploaded/4563_1251393963.gif

إيمان محمد ديب طهماز 03-21-2015 10:52 PM

يااااه ياللعذوبة وياللإسترسال الجميل

يا للروح العذبة يا عذبة الروح

سلمت الأنامل

صالحه حسين 03-21-2015 11:11 PM

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ساره عبدالمنعم http://www.ab33ad.com/vb/Traidnt/ab3...s/viewpost.gif
رائعه جداً
سلمت



القديرة سارة
كغيمة ماطرة كان مرورك أسطري

صالحه حسين 03-22-2015 03:39 AM

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة المرمر http://www.ab33ad.com/vb/Traidnt/ab3...s/viewpost.gif
آه من نكهات الإنتظار ..
المتشح بثقل الأنفاس ..
ورقرقة الدمع في العيون ..
وانفلات الآه مع زفرات الحنين ..


عذبة الروح ..

وكأنكِ وضعت روحكِ بدواخلنا ..
استمتعت هنا كثيراً ..
فلكِ شذا الورد لروعتكِ..

تحيتي


ويبقى الانتظار بداخلنا مثقل ينزّّمن ذاكرة مثقوبة
يرسم ملامح فجر لعله يكون جديد
القديرة المرمر
كل آيات الثناء والتقدير مطرزة بالنجوم بين كفيك

صالحه حسين 03-22-2015 03:48 AM

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة بَلْقِيسْ الْرَشِيدِي http://www.ab33ad.com/vb/Traidnt/ab3...s/viewpost.gif
كُل سكُونٍ يأتي بِهِم وكُل زاوِية تحملُ ذِكراهُم وكُل صوتٍ يحملُ الأماني لَيتهُم هُم !
عَودة الربِيع والعِطر والشَجر ياعَذبة الروح إشتقتُ هَذَا الحرف وجداً فأهلاً عظِيمة بعَودتكِ ياغالِية .


http://www.albrens.com/vb/uploaded/4563_1251393963.gif



ومن ذا يمتلك حق عودتهم سوى روح تمتلك صفاء الماء
أشتقتك كثيراً ياملكة النقاء .. وسعيدة برؤيتك بين هذه الظلال
ومكان أنت فيه تكثر فيه الغيوم ويسود الوئام


الساعة الآن 11:32 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.