![]() |
النَّصُّ والسِّيَاقُ دِرَاسَةٌ في "سَادَةِ اللَّحَظَاتِ" بقلم د. محمد الحسن
النَّصُّ والسِّيَاق دِرَاسَةٌ في دِيْوَانِ سَادَةِ اللَّحَظَاتِ للشّاعر السّعوديّ عبدالإله المالك بقلم د. محمد الحسن ولد محمد المصطفى أستاذ نقد الشعر والمناهج بقسم اللغة العربية وآدابها كلية الآداب جامعة نواكشوط ــ موريتانيا ينتمي الشاعرُ العربيُّ المُتميزُ عبدالإله المالك إلى واحدٍ من أهمِّ أجيالِ الشّعرِ العربيّ الحديثِ في المملكة العربيّة السعوديّة الشقيقة، وهو جيلٌ يمكنُ أن نطلقَ عليه جيلُ التسعيناتِ والألفيَّة. وإذا كانت اللحظة الشعريّة العربيّة الموازية أو المزامنة للشَّاعر وجيله في سياقات مكانية أخرى تتسمُ غالبًا بالإيغالِ في الحداثة، والتجريب، فإنَّ جيلَ الشّاعرـ وهو ما يعكسهُ شعر الشّاعر بلاشك ـ قد عاد إلى الحصيلةِ الشعريّة الكلاسيكيّة والرومانسيّة كمَرجعٍ، وكمُلْهِمٍ مع ملاحظة خصوصيّة للزمان والمكان، مع توجّهٍ واضحٍ إلى كتابةِ القصيدةِ الحُرَّة على نمطِ السيّاب، ونازك، ودرويش وغيرهم. لقد كانت منطلقات أجيال الستينات والسبعينات والثمانيات إحيائيّة، لكنها اتسمت إجمالاً بسعي واضحٍ نحوَ الكتابة الشعريّة الجديدة حتى وإنْ ظلت دائمًا تنطبع بخصوصيّة محليّة في حدود التجربة وآفاقها ومرجعيّاتها في التُّراثِ العربيّ الإسلاميّ من خليجه إلى محيطه، وحتى في انتكاساتِها أحيانًا وإخفاقِها في الإستمراريّة والتواصل، أحيانًا أخرى، بخاصةٍ في منطقة الخليج والجزيرة العربيّة وليبيا وموريتانيا، أما بلاد الشام ومصر والعراق وبعض بلدان المغرب العربيّ فقد استقرت قصيدة النّثر على أُسسٍ ركينةٍ كادت تفقد الشعرَ ألقهُ وجمهوره. ويمثل ديوان (سَادَةِ اللَّحَظَاتِ) للشّاعر عبدالإله المالك، حسب تصورنا ومضات نافذة من رؤية الشاعر وتجاربه الإنسانيّة، وقصة تطور الوعيّ الجمعيّ للمجتمع العربيّ السعوديّ العريق، والتحولات بل الطفرات الإجتماعيّة والإقتصاديّة والثقافيّة التي لم يكن بعضها إيجابيًّا، حيث هزت الإنسان السعوديّ والعربيّ عمومًا وكادت تربك قناعته وكادت تتناقض برغم فائده جوانب منها على نحوٍ لا يخفى على أحدٍ ـ مع تراث هذا الإنسان وتاريخه وحضارته. حيث ارتبطت كثيرًا بظاهرةِ العولمة، وما سبقها من مطباتِ التحولِ الفجائيّ من البادية إلى المدينة (بسبب الثروة النفطيّة والتطور الإقتصاديّ) وإنعكاس ذلك كلّه في شكل تقلبات اجتماعيّة وثقافيّة طرحت أزمة الهويّة العربيّة الإسلاميّة، والعلاقة بالآخر المغتصب لفلسطين وغيرها من البلاد الإسلاميّة هذا الآخر الذي يهيمن اقتصاديًّا ويتطلع إلى استنبات نموذجه الثقافيّ والاجتماعيّ و الحضاريّ، وقد جسد الديوان مجمل هذه المعضلاتِ و الإشكاليّاتِ كما صور الجوانب الإيجابيّة الناصعة في وطنه من تنمية وتقدم اجتماعيّ واقتصاديّ وثقافيّ وعلميّ..إلخ. ونجد ذلك على نحو مباشر في قصيدته (تَرْنِيْمَةُ وَطَن) يقول: لِمَنْ قبَّلُوْا أَرْضَهَا وَانْتَشَوا وَلِلشَّامِخَاتِ.. تُطِلُّ عَلى مَهْبِطِ النُّوْرِ شِعْرًا وَنَثْرًا .. لِمَنْ صَبَنُوا الكَأْسَ حَدَّ الثُّمَالَةْ يَمَامَةُ تَفْتَحُ أَسْرَارَهَا ثَمَّ لِلْمُدْلِجِيْنَ .. وَتَنْسِجُ لِلسَّيْفِ لَوْنَ الحَمَالَةْ وَهَذِيْ عُذُوْقُ النَّخِيْلِ .. لَهَا فِيْ مَضَاربِ نجْدٍ مَرَايَا .. تُسَائِلُ مُسْرَجَةَ الْخَيْلِ مِنْ أَيِّ دَارٍ وَأَيِّ سُلالَةْ! وفي قصيدته (السِّفْرُ الْمُخَبَّأُ) غَنَّيْتُ بِالسِّفْرِ المُخَبَّأِ مَرَّةً فكَأنَّني تَحْتَ القرَارِ مَحَارَةٌ.. وَأَنَا الْمُضَمَّخُ بِالوُعُوْدِ وَعِطْرِهَا .. مُتَنَاثِرٌ مِثْلَ الْحُطَامِ بِبَحْرِهَا.. وَمُسَافِرٌ فِيْ فُلْكِهَا المَشْحُوْنِ آمَنْتُ بِالأَشْوَاقِ فِي عَيْنَيْكِ حَتَّى أَزْهَرَتْ وَنَثَرْتُ فِي أَجْوَائِهَا مَا فِي يَدِيْ مِنْ تَمْرِهَا مِنْ قَمْحِهَا وَالتِّيْنِ وَوَقَفْتُ فِي أَرْجَائِهَا مُتَوَشِّحًا .. بِالطَّلحِ وَالصَّفْصَافِ وَالزَّيْتُوْنِ وَشدَوْتُ فِيْ أَجْوَائِهَا مُتَرَنِّمًا .. بِالشِّعْرِ وَالأَنْغَامِ وَالتَّلْحِيْنِ سَادَةُ اللَّحَظَاتِ يَا حَبِيْبِيْ قَدْ ضَاعَ مِنِّيْ سُبَاتِي فَتَدَارَكْنِيْ آسِرِيْ وَنَجَاتِي ضَاعَتِ الرُّوْحُ وَالْبُعَادُ قَتَوْلٌ وَجَنَى الْوَصْلِ غَايَةُ الأُمْنِيَاتِ كُلُّ مَا فِيَّ بَاتَ يَرنُوْ إِلَيْهَا خُطْوَتِيْ تَاهَتْ فِي عُيُوْنِ المَهَاةِ جَسَدَانَا لَحْنَانِ وَالْقَلْبُ طَيْرٌ إِنَّمَا أَبْعَدَتْ صُرُوْفُ الحَيَاةِ لا هَوَى الْيَوْمَ بَعْدَ عِشْقِي وَشَوْقِيْ لا حَبِيْبٌ سِوَاكِ فِي ذِكْرَيَاتِي الهَوَى لَوْلا وَجْهُكِ الطِّفْلُ ضَاعَتْ قَسَمَاتُ الْغَرَامِ فِي قَسَمَاتي يَا حَبِيْبِي هَذا الْهَوى فِي يَديْنَا وبِهِ نَحْنُ سَادَةُ اللَّحَظَاتِ وفي قصيدته (الْمُهَلْهِـل) وَفِيْ مَحْفَلِ الأَقْوَامِ سِرْنَا إِلى الْوَرَا وَلاهِمَّةٌإِلاَّتَبَدَّىفُتُوْرُهَا فَسِيْرُواإِلىفَجْرٍتَجَدَّدَعَهْدُهُ وَمَنْ رَكِبَ الجَوْزَاءَ عَسْفًا جَدِيْرُهَا وَهَذِيْ تَرَانِيْمِي تَزُفُّ مَلاحِمًا وَتِلْكَ العَذارَى إِذْ تَزِيْدُ مُهُوْرُهَا وتبدو في معظم نصوص الديوان ثنائيّة الدهر الجميل الذاهب في مقابل اللحظة المفارقة ويتجلى ذلك في قصيدته (البَلَدُ القِفَارُ) يقول فيها: البَلَدُ القِفَارُ أتَرْحَلُ أَمْ لَكَ البَلَدُ القِفَارُ فَزِدْ وَصْلاً فَمَا فِي الْوَصْلِ عَارُ أَنَا مَنْ يَرْتَجِيْ فِي كُلِّ حِيْنٍ خَليْلاً حِيْنَمَا الخِلاَّنُ زَارُوا سَأَلْتُ النَّاسَ عَنْ بَلَدٍ لِخِلِّي أَجَابُوْنِي بِأَنَّ الْقَوْمَ غَاروا أَلا يَا ظَاعِنِيْنَ وَهَلْ رَأَيْتُمْ حَسِيْنَ الْوَصْفِ يَغْشَاهُ السِّتَارُ لَهُ مِنْ رَوْعَةِ الْحَوْرَاءِ عَيْنٌ وَطُوْلٌ لا يُخَالِطُهُ انْكِسَارُ سَوَادُ الشَّعرِ فِيْ لَيْلٍ عَتِيْمٍ على حُسْنٍ يُغلِّفُهُ الخِمَارُ وَثَغْرٌ بَاسِمٌ فِيْ ذَاتِ بَرْدٍ وَنَاصِيَةٌ تُجِيْرُ وَلا تُجَارُ كَمَالُ الحُسْنِ مَجْمُوْعٌ إِلَيْهِ كَمَا جُمِعَتْ بِأَنْجُمِهَا المَدَارُ أَتَهْجُرَنِي وَقَدْ أَعْطَيْتُ عَهْدِي إِليْكَ شَرِيْعَةُ النَّاسِ الخِيْارُ هِيَ الأَيَّامُ حُبْلَى يَا خَلِيْلِي عَجَائِبُهَا تُحِيرُ ولا تَـحَارُ يَحَارُ الشَّيْخُ مِنْهَا كُلَّ يَوْمٍ وَفِيْ أَيَّامِهَا عِبَرٌ تُدَارُ الفَيْءُ وَالْقَمَرُ أَلا أَهْلاً بِمَنْ حَضَروا لَهمْ فِي القَلْبِ مَا ادَّخَروا بَدِيعُ الشِّعْرِ لَمْ يَفِهِمْ مَقَادِيْرًا لَهَا قَدِروا بَنُو عَمِّيْ هُمُ ذُخْرِيْ هُمُ فَيْئِيْ هُمُ الْقَمَرُ وَنَحنُ لَهُمْ عَلى زَمَنٍ وِئَامٌ لَيْسَ يَنْحَسِرُ صُدُوْرُ بَنِيْ رُسَيْسَ مَدًى لَكُمْ وَالنَّفْسُ تعْتَذِرُ بِذِيْ قَارٍ لنَا فَخْرٌ إِذَا مَا الْعُرْبُ تَفْتَخَرُ أَجَارُوا عَنْ حِمَى كِسْرَى إِذَا مَا النَّاسُ تَنْكَسِرُ حيث تتسع القبيلة والوطن نحو أُمّةٍ وتاريخ عظيم مجيد، وهي آمال متحققة بلاشك بفضل ما يوحدها من الدين واللغة والتاريخ يقول في قصيدته تَعَانَقَتِ النُّجُوْمُ: تَعَانَقَتِ النُّجُوْمُ فَيَا فَخْرَ العُرُوْبَةِ يَا سَنَاهَا وَيَاسَيْفَ الحَقِيْقَةِ وَالنَّوَالِ حَبَاكَ اللهُ طُوْلَ الْعُمْرِ حُكْمًا نَتِيْهُ بِهِ عَلى دَرْبِ المَعَالِي |
ويمكن أن نصنف شعر عبدالاله المالك ضمنَ منحيينِ قد تعايشا في شعره وهما:
1 ـ المنحى التجديديّ: وتمثله مجموعة من القصائد نسبتها 81% من نصوص الديوان منها: (البلد القفار، المهلهل، معارج الشهامة..) 2 ـ المنحى الحداثيّ: أو ما يفضل البعض تسميته الشّعر الحُرّ وليست الحداثة (النثريّة) ويمثل نسبة 19% من الديوان : (السفر المخبأ، جوهرة السر، إقامة لصلاةٍ في مئذنة البوح). هذا مع تداخلٍ واضحٍ بين المنحيين في بناءِ النَّصِّ الواحدِ أحيانًا. وقد تراوحت الصورة الشعريّة بين الجدّة والطرافة وبين النمطيّة أحيانًا أخرى، ومن الصور الشعريّة التي تمثل إلماعات إبداعيَّة دقيقة قوله في قصيدة (مِحْرَابُ قافِيَتِي): مِحْرَابُ قافِيَتِي هَذَا أَنا مِحْرَابُ قَافِيَتِيْ مَدًى مِنْ كُلِّ فَجٍّ ذا العَنا يَأْتِيْنِي لا صَمْتُ عُمْريْ يَحْتَويْنِيْ فِي الشَّقَا زِيْدِي مِنَ التَّعَبِ المُمِلِّ سِنِيْني سُلِّيْ سُيُوْفَكِ فِي مَدَارَاتِ الأَسَى وَاسْقِيْ مِنَ الكَأْسِ المَرِيْرِ لُـحُوْنِي العُمْرُ يَمْضِيْ فِي دَيَاجِيْرِ الرُّؤى وَالْحَرْفُ يَرْفُضُ قَيْدَ مَدِّ شُجُوْنِي مَنْ قَالَ إِنِّيْ هَائِمٌ لَزِمَ الْحِمَى هَذِيْ تَبَارِيْحُ الهَوى تَرْويْنِي هَذِيْ مَعَارِيْجُ الخَيَالِ تَمَايَلتْ تَنْثَالُ مَا بَيْنَ الزُّهُوْرِ غُصُوْنِي سَكَبَتْ رَحَيْقَ الشَّوْقِ فِي لَحَظاتِهَا مُنْدَاحَةً لَمْ تَرْضَ بِالتَّسْكِيْنِ صُوَرِيْ يُلامِسُ نَبْضُهَا رُوْحَ الْهَوى أُفُقٌ تَرَاءَى فَوْقَ سَقْفِ جُنُوْنِي هَمْسِيْ بُزُوْغُ النُّوْرِ فِيْ غَسَقِ الدُّجَى قَمَرٌ تَسَامَى خَالِدَ التَّكْوِيْنِ لِيْ فِي مَرَايَا العَرْشِ سِرٌّ فَاضِحٌ فَتَلَذَّذِيْ فِيْ نَزْفِ بَوْحِ مُتُوْنِي مُتَفَرِّدٌ كَالمَاءِ فِيْ خلْجَانِهِ مُتَوَقِّدٌ فِي شَامِخَاتِ فُنُوْنِي ارْمِيْ خُرَافَاتِ الذُّنُوْبِ طهَارةً وَاسْتَرْسِلِي في نَبْعِ مَاءِ مَعِيْنِي قُدِّيْ قَمِيْصِيْ لا عَلَيْكِ مِنَ الْوَرى فَالشِّعْرُ يَرْفُلُ فِي المَدَى المَشْحُوْنِ سُدِّيْ عُيُوْنَ الشَّمْسِ لا عَيْنٌ سِوَى لُغَةٍ تُجَنِّحُ فِي رُؤَى المَفْتُوْنِ تِيْهِيْ عَلى كَفِّ السَّحَابِ تَفنَّنِيْ وتَأَلَّقِيْ فِي مَهْجَتِيْ وَعُيُوْنِي لَمْ تُوْرقِ الأَغْصَانُ إلاَّ فِي نَدَى مَاءٍ يُذِيْبُ المَاءَ وَسْطَ جُفُوْنِي يقول: (البسيـــــــط) الرَّاقصُونَ فيْ صَخبٍ اضْربْ عَصَاكَ فَمَوْجُ الْبَحْرِ قَدْ وَثَبَا وَاسْلُكْ طَرِيْقَكَ لاخَوْفًا وَلاهَرَبَا وَكُنْ كَمَا شِئْتَ لا مَا شَاءَ سَادِنُهَا وَاتْبَعْ لَهَا سَبَبًا تَلْقى بِهَا سَبَبَا شَاخَتْ على تَعَبِ الأَيَّامِ رَاحِلَتِيْ لَمْ أُبْق ِ مِنْ جَمَلِيْ رَأْسًا وَلا عَقِبَا يَاحَادِيَ الْعِيْسِ والأَمْصَارُ مُقْفِرَةٌ وَاللِّصُّ أَمْتِعَةَ الأَحْبَابِ قَدْ نَهَبَا وَتِلْكَ خَيْلُ الفُتُوْحِ الْيَوْمَ صَائِمَةٌ لَمَّا غَدَا مَنْ غَزَا يَوْمًا وَمَنْ رَكِبَا 2 ــ (الخفيف) رِسَالةُ غَرَامٍ أَيُّهَا المُنْتَشِي دَهَاكَ الغَرَامُ فَتَمَهَّلْ إِنَّ الْعُيُوْنَ سِهَامُ أَرْسَلتْهَا فِي غَفْلةٍ وَتَمَادَتْ فِي دَلالٍ يرُوْمُهُ الْـمُسْتَهَامُ يَا صَبَابَاتِ الوَجْدِ والتِّيْهِ غُنْجًا يَا مَدَارَاتٍ قَدْ عَلاهَا هُيَامُ لِهَوَاهَا صَبٌّ مُقِيْمٌ مَدَاهُ يَرْتَضِيْهِ الْحُبُّ الْعَفِيْفُ لِزَامُ يَرْتَمِي هَذا العِشْقُ فِي نَظَرَاتِهِ كُلُّ شَوْقٍ قَدْ ضَاعَ فِيْهِ المُدَامُ حُسْنُ بَاريسٍ وَمَا حُسْنُ بَاريْسٍ وَفَيْءُ المَصَايِفِ بِأَجْمَلَ مِنْ عَيْنَيْكِ ذَاتِ الَّلَطَائِفِ مَلَكْتِ حَيَاتِيْ وَ المَسَاءُ مُوَلَّهٌ وَنَجْمُ الهَوَى يَرْنُو لِكُلِّ المَشَارفِ حَبيْبيْ وَلا أنْسَاكَ مَهْمَا تبَاعَدَتْ خُطانَا وَضَاقَ الَّليْلُ عَنْ كُلِّ عَازِفِ فَهَذا الهَوَى أَضْنَى جُفُوْنِيْ فَلَمْ أَذُقْ لَذيْذَ مَنَامٍ بعْدَ مَاضٍ وسَالِفِ وَهَذَا الفَضَاءُ الرَّحْبُ دُوْنَكِ مُوْحِشٌ بِهِ سَمَرُ العُشَّاقِ بَوْحُ العَوَاطِفِ تَتُوْهُ القَوَافِي فِيْكِ وَالنَّجْمُ لائِحٌ ويَخْجَلُ مِنْكِ البَدْرُ رُغْمَ التَّآلفِ وتَخْجَلُ مِنْكَ الشَّمْسُ حِيْنَ طُلُوْعِهَا وَيَصْدَحُ مِنْ عيْنَيْكَ لَحْنُ المَعَازِفِ أَغَارُ مِنَ النَّسْمَاتِ أَنَّى تَقَارَبَتْ وَأَنْتَ حَبِيْبِيْ رُغْمَ كُلِّ المَوَاقِفِ سَأَعْشَقُهَا مَا عِشْتُ وَهْيَ حَبِيْبَتِيْ وَأَغْرَقُ فِي أَهْدَابِهَا غَيْرُ خَائِفِ أَهِيْمُ بِهِ وَجْدًا وَلَسْتُ أَمَلُّهُ وَلَوْ حَالَتِ الْعُذَّالُ لَسْتُ بآنِفِ المَدَى الأَزْرَقُ رُؤَاكِ وَهَذا المَدَى الأَزْرَقُ يَلُوْحُ سَنَاهُ لِمَنْ يَعْشَقُ ترَكْتُ وَرَائِيْ جَزائِرَ تِيْهٍ تَرَاهَا عُيُوْنِي فَلا تَرْمُقُ وَذَا سِنْدَبَادُ بَدَا مُغْرَمًا وَثوْبُ الحِكَايةِ لا يَخْلَقُ وَأَجْنِحَةُ الرِّيْحِ طَوْعَ يَدِيْ وَخلْفِي دَيَاجيْرُهَا تَنْطِقُ وَغَنَّيْتُ لِلْمَوْجِ حَتَّى انْتَشَى قصَائِدَ سَارَ بِهَا المَشْرِقُ وَسِرْتُ شمَالاً وَسِرْتُ جَنُوْبًا فَأَصْغَى لَهَا الحُوْتُ إِذْ تُطْلَقُ كَتبْتُ عَلى المَاءِ أُحْجِيَةً وَمَنْ رَامَ أَسْرَارَهَا يَغْرَقُ وَأَسْرَابُ طَيْرٍ تَحُوْمُ بِقُرْبي وَلِلنُّوْنِ تَحْتِيْ مَدًى أَعْمَقُ فَتَحْتُ حُصُوْنَ الخَيَالِ بِهَا إِذَا هُوَ عَنْكِ بَدَا يُغْلَقُ وَقَالُوا الصَّبَابَةُ دَاءٌ بِهِ تَضِيْعُ المَشَاعِرُ أَوْ تُسْرَقُ فَقُلْتُ لَهُمْ إِنَّنِيْ عَاشِقٌ وَهَذِي الشُّمُوْسُ بَدَتْ تُشْرِقُ وَلا خَيْرَ فِي مُهْجَةٍ لَمْ تَذُبْ وَلا خَيْرَ فِي الحُبِّ لا يَصْدُقُ |
أمّا قصائدهُ الحداثيَّة فيركز فيها على الإيقاع الخارجيّ للتفعيلة مع مستوى من الإيقاع الداخليّ القائم على أنماطٍ من التشاكلات اللفظيَّة المعنويَّة التي تخلق إيقاعًا داخليًّا محسوسًا في البنيةِ الإيقاعيَّةِ للنَّصِّ و لمُجمَلِ نُصُوصِ الدّيوان.
يقول في قصيدته: إِقَامَةٌ لِصَلاةٍ فِيْ مِئْذنَةِ الْبَوْحِ: وَمَا بَيْنَ هَذِي الرِّيَاضِ وَذَاكَ الرِّبَاطِ .. وَبَيْنَ أَبِيْ ظَبْيَ .. مِكْنَاسِ فَاسٍ .. وَشِنْقِيْطَ أَمْصَارِهَا وَالبِقَاعِ أَيَا سَارِقَ النَّارِ.. يَا مَنْبَعَ الشِّعْرِ .. يَا مُبْدِعَ الفِكْرِ .. يَا مُمْتِعَ النَّاسِ بَيْنَ الدِّيَارِ .. وَفَوْقَ جَبِيْنِكَ آفَاقُ لِلْكَوْنِ مُنْسَابَةً فِيْ ذُهُوْلِ انْخِضَاعِ وَبَيْنَ سُمُوٍّ وَبَيْنَ ارْتِفَاعِ فَطِيْرِيْ صُقُوْرُ .. وَتِيْهِيْ بُحُوْرُ .. وَفَوْحِيْ زُهُوْرُ .. فَمِسْكٌ وَهَذا بَخُوْرُ .. يَضُوْعُ على جَنَبَاتِ التِّلاعِ وَأَرْوِقَةٍ لِلْمَدَائِنِ صِحْتَ بِهَا .. فَوْقَ كُلِّ المَـآذِنِ .. حَتَّى أَبَنْتَ مَلامِحَ وَجْهِكَ تَحْتَ القِنَاعِ طَريْقُكَ لِلْقُدْسِ مُوْحِشَةٌ.. سَمَاؤُكَ قَدْ سَقَطَتْ فَوْقَ بَغْدَادَ يَوْمًا .. وَمِنْ خَلْفِكَ النَّاسُ أَيْدٍ .. تُلامِسُ نَزْفَ قَمِيْصِ النِّزَاعِ وَخَارِطَةُ الشَّوْقِ بِيْعَتْ .. وَسَارَ الْوَرَى فِي طَريْقِ الضَّيَاعِ د. محمد الحسن ولد محمد المصطفى أستاذ نقد الشعر والمناهج بقسم اللغة العربية وآدابها كلية الآداب جامعة نواكشوط ــ موريتانيا |
دراسة شاملة تناولت كافة الجوانب في الديوان ..
شكرًا للدكتور / محمد حسن على هذه القراءة الدقيقة .. وشكرًا لك / المنبر للنقل والإتيان بهذا الجمال .. تقديري وتحية .. |
لك أيها المنبر
تحية وسلاما ومحبة واحتراما وأنت تمثل أبعاد أدبية حرفًا وجملةً وكلاما ولا أنسى أن أشيد بجهد الفاضل سعادة الدكتور/ محمد الحسن، والذي قد غمرني بعلمه ونقده وهذه الدراسة تقديرًا منه للإبداع ورفعة للشأن الأدبي العربي. فله جزيل الشكر والأمل والأمنية تحدوني للإلتقاء به وجهًا لوجه رغم بعد المسافة والزمن. |
وقفة احترام وإجلال للناقد والمنقود
وللسطرالممدود والحرف البهي الندي، سواء كان من شاعر شفاف أصيل يملك من الحرف سحره كالأستاذ عبد الإله،،، أو ناقد كالدكتور محمد الحسن يرى النور ويتبعه، ويلحظ البهاء ويمضي معه، فإن قرأنا ما خلف نصوص منقوده انحنينا بعد أن خلعنا القبعة!!! وأنا بعد أن وقفت مطولا في شموخ هذا المتصفح أعجز عن قول ما يصل لعلو قامة ما كان هنا... كل أمنيات التوفيق لحرفك أستاذ عبد الإله ونبض فكرك دكتور محمد الحسن. |
نوف
لكِ في كل بستان وردة وفي كل شهد رحيق وفي كل عطر حضور لروحك السمو والبياض |
إيناس الطاهر
لقد خلعتِ عليّ من الجمل والعبارات والكلمات أجملها وأعمقها وأشملها وهذه دلالة على ما تملكينه من عين فاحصة وحاذقة وذائقة وملكة أدبية رائعة وروح إنسانية راقية فلكِ التحية والشكر والتقدير والإحترام |
الساعة الآن 12:59 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.