![]() |
وداع
من حجرة أمي ـ رحمها الله ـ قبل عودتي إلى المدينة المنورة، أتأمل السماء الحزينة من النافذة المقابلة لسريرها حيث اعتادت مشاهدة يمامات يهدلن على حافة النافذة فتبشّ لهنّ وتحدثني عنهنّ . اليوم اليمامات صامتات خلا واحدة تئنّ . أدنو منهنّ، أوشك أن أحتضنهنّ فينتفضن ويحلقن بعيدا، ألصق وجهي بزجاج النافذة وتسحّ دموعي عليه، تدنو مني غيمة صغيرة لها ملامح أمي و ينبعث منها صوتها الحنون " ياحبة عيني يامريم". 6 / 8 / 1433 |
يا له من وداع قاس يمزق القلب يا مريم
بإمكاني أن أودع أي أحد إلا والدتي فراق موجع و لا أتمنى سوى الموت بعده فقدت أختا جميلة ذات صيف و كدتُ أجن طوال الأربع سنوات برعد فراقها لازلت أتألم للآن و لا أدعو سوى أن يحفظ الله باقي أفراد أسرتي نحن نعيش بعالم لا يرحمنا لا يعرفنا لا يفهمنا و لا يحتوينا فيه سوى الأم فكيف يتعود الإنسان على العيش بلا ظهر تعود أن يستند عليه بلا صدر تعود أن يلجأ إليه في الساعات الصعبة رحم الله والدتك يا مريم و ربي يصبركم حبيبتي |
اقتباس:
رحمها الله وأسكنها فسيح جناته . اللهم آمين ... تصوير اللحظة يستدعي منا الكثير لنجيد احتضان اللحظة بكل تفاصيلها . وللأمانة فقد رأيت هنا احتضان كامل للحظة وأيضا لمكنون الفصحى المتمثل في : يهدلن ، فتبشّ ، خلا واحدة ، تسحّ هذا هو التصوير الذي طالما يروينا لغة سليمة وتصوير فائق جدا . . احتراماتي |
عزيزتي سارة : أنا وأنت تقاسمنا الحزن النازف في الأعماق حتى التلاشي . حين قرأت تعليقك أعدت لي نفس إحساسي لحظة كتابتي هذه الأسطر وأنا أودع حجرة أمي الخاوية منها وأرى النافذة واليمام من وراء دموعي . الآن أتمنى لو أن تلك اليمامة تقف على نافذتي لأضمها بين كفيّ وأشم رائحة أمي . لروحك الحانية الممطرة أمد يد محبتي ودعائي .
|
اقتباس:
أعلم يا غالية أن فراق أحبتنا ليس بالسهل فطالما شهدوا معنا مطلع الفجر وإقتراب الشتاء وطالما سمعوا وجعنا وعلموا بهِ قبل أن نسمع أوجاعهم فإذا جاء الفراق بطريقة حق لا نستطيع ردعهُ "كل من عليها فان يا غالية أسكنها الله فسيح جنانهِ والهمك القدير الصبر والسلوان |
غفر الله لوالدتك يا مريم وأسكنها فسيح جناته وألهمكِ الصبر والسلوان لقد كتبتِ رثاءً لوالدتكِ هو عين من عيون المراثي في اللغة والعبرة والصورة .. فتقبلي دعائي لها بالمغفرة والفوز بالجنة .. إن شاء الله تعالى .. |
كانت كلمات كتبتها وأنا أودع بيتها في الرياض كتبتها وأنا أبكي ومنذ وفاتها في الرابع من شعبان وحتى يومي هذا والبكاء كصنبور معطّل يتصبب منه دمع الحزن دون توقّف . رحمك الله يا أمي كم كنت حانية عليّ.
|
الساعة الآن 06:32 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.