![]() |
حديث عن التأويل مع :أمبرتو إيكو.
التأويل ,بين السيميائيّين والتفكيكيّة. لأمبرتو إيكو كنت قد قرأت مقتطفات من الكتاب في مكانٍ عام لكن وبسبب بضع إضاءات وجدتها قرّرت إقتناء الكتاب.كثيرا ماكانت هنالك خلافات في وجهة النظر حول الحقوق الفكريّة حول النصّ _لاأعني الحقوق الملكيّة الفكريّة_ لكن الحقوق حول تفسير وتأويل النصوص بحسب أهواء القارئ أو المؤلّف او النصّ نفسه ! . ففي الكتاب تحدّث إيكو بشكلٍ جميل عن وجود ثلاث قصديّات: -قصديّة المؤلّف -قصديّة القارئ - قصديّة النصّ أيّهم هو الأقرب للواقع والحقيقة ؟ وهل للنصّ حقيقة ثابتة القيمة؟ هل الجملة الشعريّة عندما نكتبها لاتعني إلا تفسيرا واحدا ومعنى واحدا؟ أمّ أنّها تتغيّر بتغيّر "الزمكان" وباختلاف الثقافات ؟ (ثقافة المتلقّي) . يروى أنّه في مجلسٍ ذكروا فيه بيت جرير: لو كنت أعلم أن آخر عهدهم ... يوم الرحيل فعلت مالم أفعل قالوا: ماذا كان يفعل؟ فقام صبيّ بآخر المجلس وقال: كان "..." * ! طبعا ضحك الحضور وقالوا: فعلا كان كذلك . قد لاتشير صورة الحمامة للحمامة نفسها إذ أنّها قد تشير للســلام كرمز! , وهو مايجعل الكثير من النصوص تغرق بالكثير من التحليلات , قد لايحتاج البيت لتصوير شيءٍ بعينه كي يعنيه في حديثه , بل يكتفي بالإشارة إليه أو الإيحاء به كما حدث مع بيت جرير . لكن المعروف أنّ جرير كان عفيفا ولايشبّب إلا بما ملكت يمينه , إلا أنّ تفسير الصبيّ كان منطقيّا كذلك!. ومن قرأ رواية إيكو "اسم الوردة" سيدرك بأنّ هذه الرواية ستحمل الكثير من تلك الاحتمالات التفسيريّة وقد تحدّث إيكو عن بعضها في كتابه , منها أشياء اقتنع بها ومنها أشياء لم يقتنع بها وآخرى فاجأته حقيقتها!. براعة إيكو في الكتاب كانت في محاضرة الأولى بالكتاب عندما ذكر تاريخ التأويل بطريقة جذّابة واستشهد بأحداث تاريخيّة وقام بإخضاع نصّ الحكايات التاريخيّة للتأويلات كلٍّ بحسب فكر ذلك الزمن مابين زمنٍ كان يرى بالأمور والحقائق أمورا لانهائيّة وزمنٍ كان يرى حدودا وحقيقة ثابتة للحقائق , وهي في النصوص "تفسير النصّ نفسه" . ففي فصل "الهرمسيّة والتأويل اللامحدود" تحدّث عن الخوض في البحث عن الحقيقة بأنّها غير ثابتة ولامتناهية ليست ذات طبيعة ثابتة واستشهد بمواقف أخرى مضادة تقرّ بحقيقة ثابتة بعكس "الهرمسيّة" فقد استشهد مثلا: اقتباس:
الإشارة ولو من بعيد إلى وجود ثوابت صارمة تحكم النصّ المصوّر للحدث هو ماعناه إيكو ( وقد ذكر ذلك بداعي الحديث عن تاريخ التأويل دون الإشارة كثيرا لرأيه هو) . ومن ضمن جملة أحاديثه كان له كلاما جميلا يقول فيه: اقتباس:
يقول الأعشى: وسبيئة مما تعتق بابل ... كدم الذبيح سلبتها جريالها الجريال:هو اللون ويعني هنا لون الخمرة, وعندما سؤل عن معنى البيت قال :شربتها حمراء وبلتها بيضاء!. كان اللون الأحمر والأبيض حاضرا بالبيت لكن بالخفاء أو على هامش المعنى للنصّ ,الذي أراده الشاعر.فكم من الكلمات تخفي كلماتا أُخرى. وفي القرآن في سورة يوسف: {أًحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزاً تَأْكًلُ الطَّيْرُ مِنْهُ} , لو طُلب من شخصٍ آخر رآى نفس الرؤيا هل كان سيقول ذلك؟ أم كان سيذكر بأنّه :حمل الخبز ومشى به , فأتته الطيور . كلّ هذه كانت موجودة بالآية لكن بالخفاء كانت حاضرة تلقائيّا في ذهن القارئ ,وهو مانعنيه بالإيجاز البليغ , وهو مايدلّ على إمكانيّة كتابة كلمات تحمل كلماتٍ أُخرى. تحدّث إيكو كذلك عن مقطوعات من نصوص شعريّة لوورد زورث وكيف أنّها كانت تعبّر عن الحزن بدون ذكر كلماتٍ تدلّ على ذلك كثيرا (بالحَرف) , لكنّ الناقد هارتمان وجد تلك الكلمات بعد مقاربة الألفاظ وتفكيك والمفردات ودمج بضعٍ منها فعثر على كلّ ذلك تلقائيّا! , وكأنّ النصّ نفسه هو ماقال ماأراد قوله. ومن هنا نجزم بأنّ ترجمة النصوص الشعريّة تفقدها شيئا من بريقا . وقال: اقتباس: ان هارتمان لايشير إلى أن وورد زورث, كان يرمي إلى انتاج هذه التداعيات ,فابحث عن نوايا المؤلّف لاموقع له ضمن مبادئ هارتمان النقديّة. وتحدّث عن وجود مثل تلك التراكيب والتي تحمل اسما معيّنا (عشيقة مثلا) كما حدث مع ليوباردي . اللغة لها تأثيراتها , فهي لم تتشكّل حرفيّا إلا بعد تطابقها ذهنيّا من قبل الإنسان باختلاف طباعه,انتماءاته , مكانه,أصله, وبرأيي هذا مايجعل النصّ كالإنسان له جنسٌ وعرق. الكثير من الأمور أحببت الحديث عنها وكتاب أمبرتو إيكو أخرج الكثير من ذلك . الآن أنا متلهّفٌ لقراءة روايته "اسم الوردة" والتي أتتني أخيرا بعد طوووول انتظار (": -------- * : المفردة سوقيّة ( ! :. |
عبدالعزيز رشيد . شكراً على هذا الطرح الجميل الحديث عن علم التأويل متشعب ووجهاته متعدده طريقتك في تناول الموضوع جذابة وسلسة كما قلت عن الكاتب الذي استشهدت به شعراء المحاوره ( القلطة ) اكثر الشعراء تفاعلاً مع التأويل حيث ان الشاعر في حينها يجب ان يفك رموز ذلك المعنى ومن ثم يقوم بالرد عليه وما جعلني اتطرق لشعراء المحاوره وجود اساليب متعدده لدفن المعنى يجهلها كثير من الناس عندما تسمع بيت الشعر من احدهم تجده في ظاهرة طيب ولكنه في باطنه خبيث فمثلاً كلمة [ الهيل ] كلمة طيبه الاصل والمعنى . ولكن في احد فنون شعر المحاورة والتي اجهلها يذكر الهيل مقروناً بكلمات لها تأثرها في تحويل المعنى الى امرٍ سيء مما يصعب على القأري او المستمع الذي لا يعي تلك الاساليب فهم ما ورد بشكلٍ صحيح . لا اريد الاطالة . فالموضوع كما قلت سابقاً متعدد الوجهات .احببت المداخله بهذه الجزئية البسيطة اشكرك مرة اخرى . ودمت بخير |
بالفعل ,, يأتي التأويل للنصوص باتجاهات متعددة تعكس رؤى وثقافة المتلقي وحالته النفسية أثناء القراءة كما أظن فـ قد أعني بما كتبته شيئاً ويأتي من يقرأه من زاوية أخرى ويؤوله بحسب وجهة نظره وهنا مكمن الجمال إذ أننا قد نستلذ بقراءات عدة لـ نصٍ واحد وقد مررت بتلك التجربة مع أحد قصائدي إذ قرأه أحدهم بصورة لم أكن قد رسمتها حين كتابة النص وراقت لي قراءته حينذاك ليس من عادتي الاسترسال في قراءة مواضيع طويلة ولكن أسلوبك هنا جاء سلساً وممتعاً إذ اقترن بموضوعٍ نحتاج إلى التمعن به جيداً لكسر القوالب الجامدة من التأويلات الثابتة شكراً لـ فكرك وقلمك :34: |
اختلاف التأويل للنص طبيعي لانه مرتبط بإختلاف ثقافة المتلقي
ويوجد شي غائب عن البال ان الشاعر نفسه عندما يكتبه الشعر وينتج نصا ادبيا فانك ان سالته عن تأويل ذلك النص فلن يفلح ولن يفيه حقه لان التأويل ..لايتقنه الا الناقد الحقيقي الذي يرى بالنص مالايراه الشاعر لذلك تعاني ساحتنا الشعبيه من نقص كبير لإفتقادها للنقاد الحقيقيين الذي لو وجدوا لدفعو الكثير من الشعراء للتميّز والتنافس |
|
شكرا جزيلا على الموضوع الثري جدا.. اما مداخلتي السريعه والموجزه فهي كالاتي. *من البديهي ان تكون هناك اكثر من قراء للنص الادبي بشكل عام (والشعري بشكل خاص) ولكن بشرط ان لاتتناقض تلك القراءات. لكونه فن من الفنون الجماليه وليس علم مستقل بذاته *العلم تكون النتيجه واحده غالبا في جميع الثقافات *اما الفن فالحكم فيه يكون للذائقه التي ليس لها قانون محدد يحدد وجهاتها وانما كل يتذوق حسب مداركه الخاصه وطريقة استيعابه للنص هذا من ناحية المتلقي العادي *اما المتلقي الواعي او الناقد بالاحرى فقد يكون هناك بعض الغوالب الجاهزة يخضع النص لها مثل / الاسلوب // الفكره/ الصياغه/المضمون/الوعي/ التجانس/ التناغم/الاندماج/المفرده/ الثقافه/ القضيه/روح النص/حالة الكتابه للشاعر/الذكاء / الوعي/الثقافه/ الادراك/ الاستحظار. سوا للتاريخ .للقضايا. للشخوص .للثقافات. وهذا في الغالب يكون فيه نسبه من الخطاء. *وهذا ماقد عفى عليه الزمن ولم يطرأ عليه شيء من التطوير لافتقادنا الناقد المنصف الذي يملك مقومات الناقد الحقيقي والمشكله تكمن في العدل والانصاف اكثر من كونها تكمن في ادوات الناقد. ( علما بأني ارى من المفترض ان يكيف الناقد ادواته مع النص وليس إخضاع النص لادواته) واذا ماوجد نص ثري يستحق التوغل في ابعاده والغوص في اعماقه حتى نطلع في قراءه نقديه مجديه تستحق العناء. نفتقد للانصاف والعدل وتتحكم المزاجيه والهوى والشخصانيه والمحسوبيه في تلك القراءه حتى تخرجها من جمالياتها وتحبط صاحبها. *من ناحية اخرى النص فكرته الرئيسيه هي من يتحكم في قراءته . اذا كان يحمل فكر وقضيه ونهج . *ماعلى الطرف الاخر من يريد كتابة قراءه عنه ايا كانت تلك القراءه / انطباعيه او تحليليه او تشريحيه او نقديه صرفه او حتى انتقاديه. ماعليه سوى استحظار الفكره والقضيه والنهج بغض النظر عن اغلب المفردات في النص حتى يعطي الانطباع او التصور من وجهة نظره هو كناقد وقد ياتي بما لايخطر على بال الشاعر نفسه هذا اذا سلمنا بان الشاعر الحقيقي يكتب من حيث اللاوعي بوعي. *هناك الكثير من يقدمون مفاجأه حتى للشاعر نفسه عندما يكتبون عن بعض نصوصهم . لكون النص قطعه ادبيه لابد ان تحمل بين طياتها ماهو ابلغ من الواضح والمعلوم * لذلك قد لانصل الى قراءات موحده للنصوص الادبيه حتى اون كانت من نفس الثقافه والفكر النهج..( خاصة بالشعر الشعبي) *ولكن في المقابل نجد القراءات النقديه للنصوص الادبيه قد تلتقي في نقاط تفاهم كثيره وتتباين وقد يختفي او يتلاشى الاختلاف بين تلك القراءات ولكنها لاتتناقض ابدا بشرط ان يكون النص الادبي يحمل فكر ومضمون وقضيه ونهج ووعي. * والنقاد في المقابل مدركون ويملكون مايؤهلهم لقراءة النص ويتمتعون بالانصاف الادبي والعدل. ( والمتحكم في كل هذا وذاك هو الاخلاق) ..؟ اذا ماوجدت الاخلاق وجد الشعر ووجد النقد ووجد العدل ووجد الانصاف.. والله أعلم... .................................................. ....... (( لفت نظري الموضوع . وسجلت مداخلتي على عجالة) اتمنى ان لااكون مملا.. * اكرر تحيتي لشخصك الكريم . واحييك على الموهبه والقلم والثقافه والوعي تقبل شكري وتقديري * جل الاحترام.. |
: موضوع قيّم يا عبدالعزيز .. ما أكثر ما نُوقِش عُشباً و تشعباً . وتظلّ هذه الجدليّة .. هي أجمل ما في الشعر إن لم تكن الشِّعر( ذاته ) زيتهُ و فتيلهُ ! يجمّل ذلك خيطٌ رفيع من النسبيّة [ نسبيّة الوعي وعي الشاعر ، ووعي المتلقّي .. وَ وعي القصيدة ذاتها ] . .................................................. ........................ جاز لي الموضوع وطريقة طرحك له ، لذلك أحببت أن أضيف أيّ شيء . خصوصاً بعد أن شغلتك عنّا ( كرة القدم ) التي تتقن متابعتها أكثر من ملاعبتها ! :) هذا حسب ما أظنّ أنه أخبرني مشعل الغنيم !! |
بالنسبة للتأويل .. تختلف القراءات باختلاف الأعين والأذهان .. بالنسبة للقاريء البسيط قد يقرأ بالطريقة التي تعجبه وتوافق فكره أو تناسب مزاجه , وإذا كانت محاولة الترميز تقف على رمز فلكل شعب _ ولكل زمان _ قوانينه الرمزيّة , التي يتقيّد بها , غالباً ويُقرأ الرمز في أغلب الاحوال بالنظر إلى حال _ ثقافة _ لغة _ عرف _ دين _ المُرمِّز , للوصول إلى إشارته . راقني الطرح جداً ياكابتن عبد العزيز ألف شكر لك |
الساعة الآن 07:37 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.