كتاب أسود وأحدَ عشرَ وراق


أخرجتً قلمي التمثيلي
ورسمت على وجهي ابتسامة ودودة
مشيت بخفوت ودلفت إلى الغرفة
ووقفت قليلاُ استجمع حطبي وأنفاسي


نظرَ أحدهم إلي بتلصص
وقال : ما ورائك
فترددت
ثم صمت
وشرعت انظر إلى إحدى عويناته
قلت: أريد أن أجلس معهم
فأشار بيسراه
إلى غرفة متواضعة تبكِ وحدتها
وقال: هناك اقرض بعضاً من نفسك بهم


أخذتَ جذعاً متكسرَ الأغصان أكتع
من ذراعه الملتف
يدعى كذباً : كرسي
أي أنني أريده لي وحدي
كأنه يحاكي وحدة ذاتي


هتف أحدهم بصدق
إن شجرة غريبة قد تبرعت به
إلى هذا البيت الثقافي
لنجاهد َبه الصمت
لكنه استشهد في معركة كلامية
اتسعت عيناي بتعجب
وقلت : وان كان ؟ !


نظروا إلي جميعا دفعةً واحدة
كأن اسمي تحول
من محمد إلى الخميس
وأن عمري كطفل أحمق يريد أمه
وجلست


هنا أصرَ عليَ مرتين
الرجل الوقور شبه المهذب
أن اقرأ من كتابي الأسود
بعضا من آياتي الكاذبة


كانت هي أيضا وحدها
مثلي أنا
تكاد تشكي لي ظلام الغرفة
وأن الأدب يكاد لا يكفيها
لتشغل أروقة الحياة بداخلها
تبسمت لتشرق في غربة ليلي الشريد


وتفحصتني هي المغتربة
بين شراذم الرجال
وقالت موحية
بأنها تعتزم أن تتلون لي
أما قلت أنك شاعر
قلت سيدتي .. من يدري ؟



نظر الرجل الكبير ذو العوينات المطاطية
والشعر الجليدي المتناثر كشجرٍ البيادر
وفرك كعب دماغه ولاك شيئا هلاميا
في فمه الذي يبدو أنه أفرط في استعماله
وارتسم على وجهه تعبير غريب
هو يفكر – كما أعتقد –
هل كتفي أحلى مع قطع الطماطم
أم أن رأسي ألذ
وهو محشو بالفلفل الأحمر


وقال : اشرع يا هذا في القراءة
لحظة ..
قل لي ما اسمك ثانية أيها ال ال
قلت محمد .. يا أستاذ .. محمد رضا
ثم صمت



وبدأت أردد :
عالم غريب غريب
ونعتمر أقسى الأساليب
ونصف الوقت ننتحب
وإن لم يكن لنا مجيب
وقد جلسنا في الظلال
فما العمل ؟


قاطعني فجاه .. بل كاد أن ينهض
قائلا : هذا محض افتراء
أنت لم تزرق لكي تصبح شاعر

قلت اصبر أنا لم أكمل بعد


ضحك شبيه الرجال - الأوسط -
وتابع كأنهما نفس الشخص
من هذا المأفون
انه أشعاره تشبه ما يحكى
في مجلس المقاهي الشعبية
هاهاها
قلت بحيرة مغترب جديد في بلاد العم مبارك
انأ قصاص وشاعر


قالوا بل نصاب مارق
اذهب ..
فإن عليك اللعنة إلى يوم يطبعون


قالت هي – وليس هناك هي غيرها –
بعد إن أدرجت لونا رماديا إلى ذاتها :
إن .. إن ما تلاه يكاد يشابه القصص
وما هي بقصص
وحركت رأسها كأنها أضافت كيل بعير



هززت رأسي بأسىً مرتين
قلت لأكن ما يكون
لماذا يشغلكم التصنيف
كشاعر أم قاص أم كاتب
هل هذه هي المشكلة ؟


المهم أياً ما أكن
أن أكون بارعاً
وتركت الشجرة
ورحلت


تمت



محمد رضا
شاعر وقاص مصري