منتديات أبعاد أدبية

منتديات أبعاد أدبية (https://www.ab33ad.com/vb/index.php)
-   أبعاد النثر الأدبي (https://www.ab33ad.com/vb/forumdisplay.php?f=5)
-   -   مخاض (https://www.ab33ad.com/vb/showthread.php?t=30673)

د. منال عبدالرحمن 06-20-2012 12:51 AM

مخاض
 
تتلمّس جسدها المنهك
تتابعُ نبضها المتسارع بلهفة
تُنصتُ لأنفاسها القصيرة المتلاحقة
هي التي تعرف كيفَ يُخلقُ الحبُّ من الألم
و كيف تهبُ الحياةُ نفسها فجأةً لمُعدمٍ حزين
سئمَ الأبواب المغلقة
تقاومُ القلق
مثل عصفورٍ وحيدٍ على أسلاكِ فصلٍ شائكة
يغنّي للرّبيع و الرّصاصات تتراقص بطيشٍ على وقعِ قلبه
مثلَ شجرة سنديان أمامَ منشارٍ أعمى
و هي تحنو على السّنونوات الهاربة من البرد
تقاومُ سنواتِ عمرها التي يقولون أنّها فاتتها دون أن تدري
الجفاف الّذي يزحفُ على وجهها و يأكلُ ابتسامتها الصّباحية
التّجاعيد التي تداهمُ عينيها بخبث
أغصان الصّفصافِ التي تنمو في شعرها الهاربِ من اللّيل
الصّواعق التي تقصمُ ظهرها كلّما حاولت قطف الزّهرات العالية من ياسمينة الدّار
إنّهُ العمر الذي يمضي دون أن يتركَ فرصةً للحياة
إنّه الموتُ الذي سيأتي فجأةً لولا أن تستجمع شجاعتها
و تبادر بالحبّ
الحبّ الّذي يُثمرُ لو بعد حين
أن تُحبّها الحياة و تهبها ما كانت تنتظر خيبةً بعد أخرى
حزناً تلو آخر
و عتمةً في غياهب الانتظار بعد أخرى ..
إنه ذاك الشّيءُ المتكوّرُ في داخلها
الّذي يقاتلُ من أجل الضّوء
من أجل التّحررُ من حبلٍ ضئيلٍ يصلهُ بالحياة
و لا يعطيه إيّاها
إنّه القلبُ الذي ينبضُ في جوفها
و يُكملُ أنوثتها
إنّهُ ثمرة صبرها الطّويل و ليلها الذي لا ينتهي
إنّه زهرة اللّوتس التي ستكسرُ خوف الماءِ و تكبر
الياسمينة التي ستنجبُ ألفَ صيفٍ و لن تشيخ
هاهو يشقُّ طريقهُ للنّور عبرَ قلبها
ها هو يمزّقَ صمت المدينة و يخرقُ حاجزَ الرّعبُ من أيّ قادمٍ جديد
يوجّهُ رئتيهِ نحو الفضاءِ الوسيع
يستجمع أنفاسَها المتقطّعة
يسرقُ قوّتها و آخر ما خبّأتْهُ في جعبةِ صبرِها السّريّة
يستنزفُ ذاكرتها و مستقبلها
يستخلصُ نبضهُ من روحها
تصرخ بأعلى صوتها للمرة الأولى بعد صمتٍ طويل
تصرخ أعلى ..
أكثر ....
أقوى .....
صوتُها يمزّق كلّ الطبول الجوفاء التي اعتادت القرع على أبوابِ السّؤال
يجمعُ الأيادي المختبئة في الجيوب و خلف الأفواه الجائعة
يغطّي على كلِّ الأصوات الأخرى ليمتلكَ اللّيلَ و ما تلاه
تتمخّضٌ دماءاً كثيرة توجبُ الرّعب
و تستدعي المخاوف المكبوتة
و تبعث على التّراجع عن الاستمرار في الحب
" ماتت" يتهامسون
"و مات جنينها
كاد أن يكونَ بنتاً
كانت ستسميها حريّةً حمراء
كادت أن تكون الطفلة الأولى للّيل
كدنا نفرح .. كدنا نهلّل ..
كدنا نكون .."

-الحرية لا تموت ..
أنا أولدُ من جديد
أنا دمشق ...





عبدالإله المالك 06-20-2012 01:51 AM

أيه يا دمشق

لا بد للقيد أن ينكسر
وللظلام أن ينجلي
وللغمة أن تنقشع

عذرا د منال فلقد أبحرت خارجا
ولكني لازلت في صلب موضوعك

تحياتي لك ولقلمك ولألمك

خالد الداودي 06-20-2012 02:04 PM

و تبعث على التّراجع عن الاستمرار في الحب
" ماتت" يتهامسون
"و مات جنينها
كاد أن يكونَ بنتاً
كانت ستسميها حريّةً حمراء

..

كان مخاضها صعبا يا منال
لدرجة قال فيها الاطباء لا حياة لمن تنادي

لعل ضعف قواها كان اضعف بكثير من التقاط انفاس الزفرة الاخيره
عسى خيرا بإذن الله

ياه يـ منال

اخذتني بإسلوبك الى حياكة بطابع انثوي جميل .. فـ بان الغزل مترهل الاطراف ذي بدء ثم ما ان تتبعنا خطاك على الرمل وجدناه اقوى بكثير من غزل الساسه .. كمية الألم نخبوية .. تشعرها بحسرة وتندم

ممتن لـ ارتقاءك

خ

فاتن حسين 06-21-2012 12:44 AM



ثورة حرفٍ أطلقت آهات المخاض بصرخات إجتاحت الكيان يـ منال..
والجرح واحد..
دمتِ بروحك الشفافة يـ جميلة الروح..!

يحيى الحكمي 06-21-2012 12:45 AM

هي التي تعرف كيفَ يُخلقُ الحبُّ من الألم
و كيف تهبُ الحياةُ نفسها فجأةً لمُعدمٍ حزين
سئمَ الأبواب المغلقة

لكَ أن تقف مندهشاً أو لا تقف ،،
فالنص مدهِش ،،
وأما هذه القفلَة المستعارة فحيّة رقراقَة
وهي أخّاذة ،، وحزينَة ! فالحب _ لا شك _ يخلَق من الألَم !
،،

علي آل علي 06-21-2012 03:48 AM

دمشق
تلك كلمة
أعادتني من جديد لأول النص
وعدت مع عودتي تلك
إلى تاريخ أصيل
يتيمة يا دمشق
مشهد أخّاذ أخذني بعيداً على تلك الأطلال
لتمتد رؤيتي طريقاً إلى حلم
ولأجعل أفكاري ترحل
وزادها الألم وماءها الدمع
هل سيكفلك أحد يا دمشق
ككافل يتيم سيؤخذ إلى الجنّة حينها
أم يبقى الحال هكذا وآهاتنا على أكتافنا
نحملها في كل مكان نذهب إليه

عذراّ يا قديرة
إنه الألم

عبدالرحيم فرغلي 06-21-2012 08:06 AM

هل تعرفي أيتها الفاضلة أحيانا يكون الألم أكبر من أن نكتب .. أكبر من القلم والحبر والقلب ..
حينها نبحث عمن يكتب عنا .. يعبر عما يتلجلج في قلوبنا .. يزفر الدمعة التي تقف كشبح بائس
عند باب جفوننا .. أن يكتب عنا بأسلوب أدبي راقي يغتنم التعبير المكتنز في لغتنا .. ويأتي بالتشبيه
الذي نجده متوائما معنا .. كل هذا وجدته في نصك .. كنت محتاجا له بقوة .. شكرا لك .. شكرا لك
كثيرا .. دمت بهذا التألق والجمال .

د. منال عبدالرحمن 06-21-2012 01:46 PM

أستاذ عبد الإله المالك
أصبح من الصّعب اليوم الإبحار خارج موضوع دمشق فالأمواج متلاطمة و الشاطئُ بعيدٌ جدّاً
إلّا أنّ غداً لناظرهِ قريبُ ...

أشكرك


الساعة الآن 11:21 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.